الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
«كيف تخرق لك العوائد وأنت لم تخرق من نفسك العوائد».. حكمة جليلة من حكم ابن عطاء الله السكندرى، نقف عندها، فالإنسان له فى الحياة عادات معينة لا يستطيع أن يستغنى عنها، حتى إنها تصير عنده كالقوانين، ويريد الإنسان لنفسه أن يتغير له الناموس، فى حين أنه لم يستطع أن يغير عوائده.. ولله نوعان من السنن: سنن جارية وسنن خارقة، فلقد أعطانا السنن الجارية نتحرك فيها كيفما نشاء، فإذا حققنا السنن الجارية أعطانا الله السنن الخارقة.. والعادات التى يتبعها الإنسان إما أن تكون عادات حسنة مستحبة وإما عادات مذمومة، ومن بين تلك العادات المذمومة التى نرصدها فى السنوات الأخيرة أننا نحب سماع الشائعات ونحب أن تلوث سمعة شخص حتى يكون مادة لحواراتنا فى مجالسنا الخاصة والعامة ونترصد للناس ونتصيد لهم أخطاءهم، فلقد جىء برجل إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقالوا هذا قد سرق يا رسول الله، قال: لا تقولوا سرق، قولوا أخذ.. فاللفظ الذى يصدر من أفواهنا والتعبير الذى نستخدمه مسؤولية على المتلفظ به، ومن يترصد للناس ويتصيد لهم أخطاءهم ويحاول نشر عيوبهم والتحدث عنها فى كل مجلس إنما هو دليل على مرض ذلك الإنسان النفسى، فهو يقوم بما يسميه علماء النفس «الإسقاط» فهو يخرج ما عنده من أمراض ليضعها على هذا الشخص أو ذاك، وبالتالى فهو لا يرى مرضه ولا يرى عاداته السيئة ولا يرى المصيبة الواقع فيها، فبذاءة اللسان من العادات المذمومة فكيف يريد من لم يتوقف عن عوائده السيئة أن تأتيه كرامات من عند الله.. وإذا أردنا أن تتغير وتخرق لنا العوائد وييسر لنا الأمر فيجب علينا أن نعيد صياغة ترتيب أولوياتنا مرة أخرى.. فكم من عوائد مذمومة نتبعها ونجعلها تصعب علينا حياتنا وإذا نظرنا إلى الصحابة، رضوان الله عليهم، نجد أنهم قد سهلوا الحلال، فكان الحرام صعباً، أما نحن فصعبنا الحلال على أنفسنا فكان الحرام سهلاً.. وهناك من العوائد التى تعودنا عليها من أشياء لا علاقة لها بدين الله سبحانه وتعالى، ويجب علينا أن نكف عنها ونتقى الله فى أنفسنا وفيمن حولنا ونتخلى عن تلك العادات المذمومة ونتحلى بالعادات الطيبة المحمودة، وعندئذ رب العباد سيعيننا، فإذا ضعف يقينك فاسأل الله، سبحانه وتعالى، أن يعينك على طاعته ويبعدك عن معصيته.