الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
21-10-2011 الأسبوع الماضى تلقيت فى برنامجى مكالمة هاتفية من سيدة فاضلة، وهى أم لطبيب جراح اسمه الدكتور أحمد عاطف. تحدثت الأم بحزن شديد وحكت لى كيف أن نجلها الوحيد الطبيب أحمد اختطف من أمام المستشفى الذى يعمل به.. وأنها كانت تحدثه قبل اختطافه بعشر دقائق وتقول له يا أحمد خلى بالك على نفسك.. إحنا ملناش غيرك أنا واخواتك البنات.. ويبدو أن قلب الأم كان يشعر بالخوف والقلق على نجلها أحمد. ولما سألتها: ولماذا يختطف أحمد؟.. قالت لى لأنه طالب بحقوق الأطباء وحياة كريمة لهم!! وفى نهاية حوارى مع الأم المكلومة توجهت إلى المجلس العسكرى ومجلس الوزراء مخاطباً ومطالبا: إذا كانت هناك أى جهة اعتقلت أحمد أرجو أن تبلغ أسرته.. وما هى إلا أيام وعاد أحمد لأمه وأخواته .. وبعدها قال لى ما حدث له.. حكى لى أحمد كيف تم اختطافه فى سيارة ميكروباص وهو فى طريقه لشراء ساندوتشات، وأن رجلا تحايل عليه وأبلغه أن ابنته تنزف ويحتاج لمساعدته.. وما هى إلا لحظات وكان أحمد مقيد الوثاق ومعصب العينين فى نفس السيارة التى سارت به فى طريق غير معلوم، وعلى طريقة عصابات المافيا تم نقله من سيارة إلى سيارة أخرى للتمويه.. وانتهى الحال بأحمد فى غرفة ٤ متر x ٤ متر بها شباك واحد ومسدس موجه إليه فى حالة إذا ما حاول أن يصرخ أو يهرب.. وجد أحمد نفسه أمام محقق من جهة غير معلومة يسأله عن مظاهرات ماسبيرو، ولماذا اعتصم مع الأطباء، ولماذا قرر أن يخوض الانتخابات؟.. ثم عاد لمحبسه مرة أخرى مغمض العينين (ذكرنى ما قاله لى أحمد بمشاهد فيلم الكرنك عندما كان خالد صفوان يحقق مع نور الشريف ومحمد صبحى فى الفيلم، وتم وضع عصابة سوداء على عيونهما). تذكرت تلك المشاهد القاسية لزمن ردىء وأوضاع سافرة أرفضها جميعا.. وأحمد يحكى لى كيف كان يحقق معه.. ومرت خمسة أيام وأحمد معتقل فى الزنزانة المجهولة.. لا يعرف من يحقق معه، وأيضا لماذا يحقق معه.. إلى أن انتهى به الحال أنه بعد تناول الطعام فى معتقله.. استيقظ ليجد نفسه ملقى على الأرض فى منطقة المقطم وبجانبه شنطته.. فسأل نفسه «هل كان حلماً؟.. أين كنت.. وكم لبثت من الوقت فى هذه الرحلة؟».. معتقداً أنه غاب عن أمه يوماً أو بعض يوم، ولم يكن يعلم أنه مختفٍ منذ خمسة أيام، وأن الأطباء والإعلام ووالدته يبحثون عنه فى كل مكان.. وأتصور أيضا أن سر اندهاش أحمد هو عدم قدرته على تصديق ما حدث له منذ اعتقاله وحتى الإفراج عنه.. خاصة أن ذلك يحدث بعد قيام ثورة فى مصر وسقوط النظام الفاسد.. لكن يبدو أن ما مر به أحمد يعكس الواقع المؤلم الذى نعيشه.. إن النظام الفاسد لم يسقط بعد.. وإن مراكز القوى التى كانت موجودة ترهب الناس وتهين كرامتهم لا تزال موجودة تعمل، وبالتالى سألت أحمد: ما شعورك بعدما حدث؟.. فأجابنى، وأنا أشعر بأنه خائف أن يبوح بإذا ما كان تعرض لأى ضغط أو تهديد حتى لا يتكلم، قائلا: لم يتغير شىء. وفعلا يبدو أنه لم يتغير شىء، واليوم كالأمس.. لا جديد نفس الأفكار والسياسات.. ويبدو أن مراكز القوى عادت، ولكنها عادت أكثر شراسة وعنفاً من الأمس.. فمن هؤلاء الذين اعتقلوا أحمد؟ ولماذا أفرجوا عنه بعد اعتقاله؟ وأين الجهات القضائية مما حدث؟ السؤال أتوجه به للجميع وأنتظر إجابة شافية تنفى لى النوايا السيئة التى تدور بخاطرى!!.