الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
دائماً الفرص متاحة أمام الإنسان وهو من يقرر مدى الاستفادة منها.. وها هى الفرصة العظيمة تلوح فى الأفق، تلك الفرصة الذهبية التى ننتظرها من العام للعام قد أوشكت على القدوم.. فنحن فى هذه الأيام نستعد لاستقبال رمضان ذلك الضيف العزيز والغالى والعظيم الذى سيهل علينا بعد أيام فماذا أعددنا له لاستقباله؟. فمن المعروف أن شهرى رجب وشعبان هما شهرا التجهيز والزرع وشهر رمضان هو شهر الحصاد، وهى فرصة غالية، على كل مسلم مؤمن أن يغتنمها ليبدأ بداية جديدة مع نفسه ويقف ليتأمل حاله وعمله والهدف الأساسى من وجوده فى هذه الحياة وهو العبادة، ولكن من المؤسف أن يتحول ذلك الشهر الفضيل لشهر ترفيهى بدلاً من شهر روحانى يسعى فيه الإنسان إلى أن يسمو بروحه وينقيها مما شابها من ملوثات الحياة. تحول ذلك الشهر الفضيل إلى شهر لعرض البرامج والمسلسلات وتحول اهتمام أغلب الناس إلا من رحم ربى إلى التليفزيون والأكل، وبدلاً من أن يكون فرصة لنشعر بإحساس من لا يملكون قوت يومهم ونرشد فى استهلاكنا أصبحنا نتهافت على تجهيز مائدتنا بكل ما لذ وطاب وذلك إلى جانب كم المسلسلات التى تعرض طوال الشهر وورد على ذهنى مقال للدكتور مصطفى محمود رحمه الله وهو يناقش هجمة البرامج والمسلسلات المخصصة لشهر رمضان وكانت بعنوان «لماذا لا يحترم الإعلام العربى رمضان؟»، وذكر فيه كيف كانت والدته رحمها الله تدير التليفزيون ليواجه الحائط طوال شهر رمضان وعند سؤاله لها عن الهدف من منعهم من مشاهدة التليفزيون فى رمضان كانت إجابتها المقتضبة «رمضان شهر عبادة مش فوازير!»، ولم تكن تلك الإجابة شافية للطفل الصغير ولكننا دائما نتعلم من خلال المواقف الحياتية ليجد إجابة تساؤله عن المغزى مما تفعله والدته بعد ذلك بسنوات عند رجل مسن غير متعلم فى الركن الآخر من الكرة الأرضية، ذلك الرجل هو عامل أمريكى فى محطة بنزين كان اعتاد دخولها لشراء قهوة أثناء ملء سيارته بالوقود فى طريق عمله، وفى اليوم الذى يسبق يوم الكريسماس دخل لشراء القهوة كعادته فإذا به يجد ذلك الرجل منهمكا فى وضع أقفال على ثلاجة الخمور، وعندما عاد إلى الـ (كاشير) لمحاسبته على القهوة سأله، وكان حديث عهد بقوانين أمريكا: «لماذا تضع أقفالا على هذه الثلاجة؟؟» فأجابه: «هذه ثلاجة الخمور وقوانين الولاية تمنع بيع الخمور فى ليلة ويوم الكريسماس يوم ميلاد المسيح»، وبنظرات تملؤها الدهشة تساءل: أليست أمريكا دولة علمانية.. فلماذا تتدخل الدولة فى شىء مثل ذلك؟، فأجابه الرجل: «الاحترام.. يجب على الجميع احترام ميلاد المسيح وعدم شرب الخمر فى ذلك اليوم حتى وإن لم تكن متدينا.. إذا فقد المجتمع الاحترام فقدنا كل شىء». الاحترام.. أى أن المسألة ليست مسألة حلال أو حرام.. إنها مسألة احترام فهم ينظرون للكريسماس كضيف يزورهم كل سنة ليذكرهم بميلاد المسيح عليه السلام.. وليس من الاحترام السكر فى معية ذلك الضيف.. فلتسكر فى يوم آخر إذا كان ذلك أسلوب حياتك.. أنت حر ولكن فى هذا اليوم سيحترم الجميع هذا الضيف وستضع الدولة من أجله قانونا!. أتمنى أن نحترم شهر القرآن. ونعرف ماذا نشاهد. ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. «وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ».