تمر الأيام سريعاً، وتمر علينا الذكرى الثالثة لرحيل قيمة وقامة كبيرة فى سماء الفن، استطاع أن يترك بصمة كبيرة، من خلال أعماله العظيمة والهادفة ويكفى أن نتذكر مسلسله العظيم عمر بن عبدالعزيز، لندرك مدى الثقل بأعماله.
عندما جلست مع نور الشريف، أثناء حوارى معه فى برنامجى واحد من الناس، تشعبت الأحاديث بيننا فى الفن والسياسة والمشاعر الإنسانية التى كان يهتم بها، ويرصدها، ويحللها.
فكل تفصيلة من التفصيلات الحياتية كان يتوقف أمامها، ولا تمر مرور الكرام، ويخزنها، ويستخدمها بعد ذلك فى تفصيلات الشخصيات التى كان يلعبها ولذلك فكنا نصدقه ونشعر بالفعل أن من أمامنا شخصية بطل العمل الفنى وليس نور الشريف.. عندما كان يحكى لى نور الشريف عن نشأته وعن حياته كنت تلمح الفخر من بين حروف كلماته، فهو فخور بأى تجربة مر بها حتى لو كانت تجربة فشل.. ابتدأ من الصفر، كما قال، فقد عمل كومبارس حتى يستطيع أن يحصل على مصاريف المعهد العالى للفنون المسرحية، فعمل مسرحية اسمها الزلزال من إخراج المخرج الكبير جلال الشرقاوى وغيرها من الأعمال.
كان يعتبر نفسه من أكثر الفنانين حظاً، ففى سنة تخرجه عام 1967 حظى ببطولة مسلسل القاهرة والناس ودور رئيسى فى فيلم قصر الشوق، وكان الفنان الكبير عادل إمام هو من رشحه لدوره فى فيلم قصر الشوق، ولم يكن بينهم معرفة سابقة، وإنما رآه الفنان الكبير عادل إمام فى امتحانات المعهد، وهو يقوم بدور هاملت، فرشحه للمخرج الكبير حسن الإمام، وحصل عن هذا الدور على شهادة تقدير، فكانت أول جائزة يحصل عليها فى حياته الفنية.
من أهم أدوار الفنان الكبير نور الشريف كان دور إسماعيل الشيخ فى فيلم الكرنك، وهو قصة الكاتب العظيم نجيب محفوظ، وكتب له السيناريو والحوار وأنتجه المنتج والسيناريست الكبير ممدوح الليثى، وأخرجه المخرج الكبير على بدرخان، وهو من أهم الأفلام السياسية المصرية، وحكى لى كيف تعرض لموقف من أصعب المواقف التى يمكن أن يتعرض لها إنسان، عندما كان يصور أحد مشاهد فيلم الكرنك، وكانوا قد حصلوا على تصريح لدخول مجلس الشعب بمنتهى الصعوبة، فبلغه خبر وفاة والدته، فذهب لدفن والدته، وعاد ليكمل التصوير، وكان فى نفس اليوم مشهد شراء دبل الخطوبة له ولسعاد حسنى، وكان مطلوبا منه أن يبدو فى منتهى السعادة، وهو فى منتهى الحزن على وفاة والدته التى أخذ عزاءها فى نفس اليوم بالليل.
مشوار فنى طويل لهذا الفنان المبدع الذى لا تكفى هذه السطور لسرد جزء من حياته ومواقفه وأدواره.
يكفى أن اجتمع الناس على حبه، وكان مدرسة فنية، يلهم الجيل الجديد الذين كانوا حريصين على أن يظهروا معه فى أعماله، فكان يشجعهم، ولا يبخل بنصائحه عنهم.. رحم الله نور الشريف.