عرفت أحمد زكى من خلال والدى رحمه الله الأستاذ ممدوح الليثى، شاهدته فى منزلنا وأنا صغير حين كان والدى رحمه الله يتعاقد معه على بطوله فيلم الكرنك، وعشت معه أسوأ اللحظات وابى يعتذر له عن عدم اداء دور البطولة بعد رفض الموزع الخارجى، وعشت معه تصوير فيلم «الرجل الذى فقد ذاكرته مرتين» من إنتاج والدى هذا الفيلم الذى شهد قصة حب أحمد والراحلة هالة فؤاد وبعدها تزوجا. وعشت معه سفره إلى لندن وأول عملية أجراها فى معدته وعشت معه تصوير «أنا لا أكذب ولكنى أتجمل» من تأليف وإنتاج والدى وكذلك فيلم المدمن وفيلم ناصر ٥٦ والسادات، وعشت معه رحلة مرضه أثناء تصوير فيلم حليم والذى كان أحمد يؤكد أن حياته وحياة حليم بينهما خط رفيع.. كان حلم أحمد منذ أن دخل معهد الفنون المسرحية أن يؤدى شخصية حليم.. فالفقر واليتم ورحلة الكفاح من أجل الصعود إلى القمة، والمرض، كانت كلها تفاصيل جمعت بينهما وجاء الموت فى أوج مراحل نجاحهما الفنى ليجمع بينهما فى كل شىء، ويشاء القدر أن تكون شخصية حليم هى الشخصية الأخيرة التى يجسدها. بدأ أحمد إعداده لمشروع حليم، وأذكر يومها كنت أجلس معه أنا وزوجتى وأبنائى نتناول الغداء فى مطعم سويس إير بالجيزة وظل يحكى عن حليم وحيعمل إيه فى الفيلم، كنت أستمع له، وأنا أقول فى نفسى أتمنى أن يعيش ليرى تلك الأحلام، فمع بداية تصوير «حليم» أصابه السرطان. ومضى قدما رغم ذلك فى عمل هذا الفيلم الرائع الذى يعود الفضل فيه إلى أحمد وصديقى العزيز عماد الدين أديب، صديق أحمد الصدوق والذى كان كل همه أن ينتج لأحمد، ويحقق له حلما مهما فى حياته السينمائية.وكان أحمد مؤمنًا بأنه سيقهر المرض ويحقق كل أحلامه الفنية ومن ضمنها تأدية دور المشير عامر، وكلما رآنى أو رأى أبى- رحمه الله- فى المستشفى يقول يا أستاذ ممدوح، أخبار فيلم المشير عامر إيه؟، فيرد عليه والدى تقوم بالسلامة، ونبدأ التجهيز للفيلم. وجبتله بدلة المشير فى مستشفى دار الفؤاد، وعمل عليها بروفة رغم آلامه الشديدة، وأذكر أن طبيبه العظيم دكتور ياسر عبدالقادر قالى بلاش يا عمرو تدخله دلوقت، فرددت عليه وقلت له لما حيشوف بدلة المشير هيتحسن، وفعلا دخلت له الغرفة وكان فى قمه التعب، وما إن رأى البدلة حتى قفز فجأة، وقالى حعمل عليها بروفة وتحول لشخص آخر، وارتداها، وبدأ يقلده وسط دهشة من جميع الحاضرين، وقالى: الكم طويل سنة والبنطلون عايز يضيق، ووعدته إنى حبلغ الترزى علشان يظبطهاله، وتركته مودعا على أمل جديد باللقاء.. لكن لم تمر سوى سويعات قليلة، وانتقل إلى جوار ربه. ليظل الغائب الحاضر بيننا.