الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
4-11-2011
مازلنا نتحدث عن الأحداث التى مرت على مصر بعد اندلاع ثورة ٥٢.. وكيف توترت العلاقة بين ضباط الجيش والإخوان المسلمين فى أعقاب الخلافات التى دبت بينهم، ورغبة الإخوان فى المشاركة فى الحكم بعد ما قدموه للضباط الأحرار منذ دورهم فى إنجاح الثورة وحتى إسقاط محمد نجيب. فقد، لعبت الجماعة دوراً أساسياً فى المظاهرات التى اندلعت فى فبراير ١٩٥٤ للمطالبة بعودة نجيب، لكن عبدالناصر استطاع تحييدهم فى أزمة مارس، حيث أفرج عن المعتقلين وقام بمقابلة الهضيبى بعد الإفراج عنه، وحدث نوع من الاتفاق على حياد الجماعة فى نزاع مارس ١٩٥٤ بين عبدالناصر ونجيب، واستمرت العلاقات هادئة بين الجانبين حتى وقوع حادث المنشية فى أكتوبر من نفس العام، حينما اتخذت العلاقة بين الطرفين شكلاً دموياً.. وقيل إنها كانت تمثيلية الهدف منها رفع سفينة الرئيس عبدالناصر والقضاء على الإخوان. وفى إطار سعى النظام إلى السيطرة على النقابات، تم تقويض النقابات المستقلة والعمل على إحلالها بنقابات موالية للنظام، وساعد على ذلك أن أعداداً كبيرة من الشيوعيين والقادة النقابيين كانوا فى السجون، ثم كان إقرار قانون التوفيق فى منازعات العمال الذى دشن مبدأ منع الفصل التعسفى بسبب النشاط النقابى، لكنه حرم العمال من حق الإضراب أو الامتناع عن العمل بأى شكل. وكان الرأى السائد داخل مجلس القيادة هو أن رأس المال الأجنبى يحتاج إلى الضغط على العمال من أجل تشجيع الاستثمار وتحقيق الاستقرار. كانت أزمة مارس المحطة الأخيرة فى الصراع حول كيف يمكن أن تُحكم مصر. بدأت الأزمة فى ٢٤ فبراير ١٩٥٤، حينما قرر نجيب الاستقالة من رئاسة مجلس قيادة الثورة، فى اليوم التالى، أعلن مجلس القيادة تعيين عبدالناصر رئيساً للوزراء واستقالة نجيب من جميع مناصبه، وقوبل هذا الإعلان برفض سلاح الفرسان الذى كان لخالد محيى الدين تأثير قوى فيه، وفى حديثى مع السيد خالد محيى الدين قال لى إنه دعا ضباط السلاح إلى اجتماع عام حضره عبدالناصر الذى فوجئ بمدى عمق الكراهية لمجلس قيادة الثورة، وبعد استشارة المجلس عاد عبدالناصر لضباط الفرسان وأعلن أن المجلس وافق على حل مجلس قيادة الثورة وعودة محمد نجيب رئيساً لجمهورية برلمانية وقيام خالد محيى الدين بتشكيل حكومة انتقالية لمدة ستة أشهر تقوم خلالها بإجراء انتخابات لجمعية تشريعية تضع دستوراً دائماً. وفى حواراتى السابقة مع أعضاء مجلس قيادة الثورة كان رأيهم أن عبدالناصر أقنع خالد محيى الدين بقبول منصب رئيس الوزراء حتى يؤلب الأسلحة الأخرى التى رأت فى هذا الإجراء «انقلابا شيوعياً بقيادة سلاح الفرسان»، وهو ما حدث بالفعل، حيث حاصرت عناصر من سلاح المدفعية دبابات سلاح الفرسان وكاد أن يحدث صدام مسلح بين الجانبين، وتم اعتقال عدد من ضباط سلاح الفرسان مما جعل ضباطاً من السلاح يهددون بتوجيه مدافع دباباتهم المحاصرة نحو مجلس قيادة الثورة إذا لم يتم الإفراج عن الضباط المعتقلين. وفى تلك الأثناء كانت المظاهرات تتسع فى شوارع القاهرة وفى الجامعات مطالبة بعودة نجيب وسجن عبدالناصر وصلاح سالم، وقد شاركت الأحزاب والقوى التى سعى النظام إلى تصفيتها خلال الفترة السابقة، وأهمها الوفد والإخوان والشيوعيون، فى هذه الحركة بكل ما أوتيت من قوة، وانتهت الأزمة مؤقتا باتخاذ عبد الناصر قراراً- بناء على تفويض من مجلس قيادة الثورة- بعودة نجيب رئيساً للجمهورية، وقد قوبل نجيب بمظاهرات تأييد حاشدة آنذاك. غير أن هذا التطور لم يحسم النزاع، فقد قامت قوات الشرطة باعتقال العشرات فى أيام المظاهرات المطالبة بعودة نجيب والأيام التالية لعودته للحكم، وطالب نجيب بإطلاق سراح المعتقلين والتحقيق فى وقائع الاعتداء على المتظاهرين، وإزاء الزخم الذى حظيت به الحركة المطالبة بالديمقراطية، اجتمع مجلس قيادة الثورة فى ٥ مارس وقرر اتخاذ الإجراءات فوراً لعقد جمعية تأسيسية منتخبة بطريق الاقتراع المباشر على أن تجتمع خلال يوليو من نفس العام بهدف مناقشة مشروع الدستور الجديد، وقرر المجلس إلغاء الرقابة على الصحف وإلغاء الأحكام العرفية قبل إجراء الانتخابات البرلمانية. غير أن تلك الإجراءات أيضا لم تكن نهاية المطاف فى الصراع، حيث سعى كل طرف خلال الأسابيع القليلة التالية إلى تأكيد سلطته فى مواجهة الآخر، فقد اعتمد نجيب على التأييد الشعبى الواسع ودعم الإخوان له وظل يعقد اللقاءات الجماهيرية ويتصل بالنقابات المهنية والأحزاب والقوى المطالبة بالديمقراطية، ومن أجل تعزيز قوته فى مواجهة الخصوم، دعا نجيب إلى طرح رئاسته للاستفتاء الشعبى. واتخذ مجلس قيادة الثورة طريقا آخر، هو العمل على استمالة الضباط وتهدئة الخلافات التى نشبت فى الفترة السابقة من جهة، ومحاولة تأسيس حزب جديد يعبر عن المجلس من جهة أخرى، لكن السياسيين من الأحزاب والقوى السياسية الذين أعلنوا من قبل استعدادهم للتعاون مع مجلس قيادة الثورة حينما كانت أحزابهم تتعرض للإقصاء، تراجعوا عن ذلك وعادوا للارتباط بأحزابهم. فى الوقت نفسه كان الاتجاه الغالب لدى القوى المطالبة بالديمقراطية هو تصفية حركة الجيش وخروجه كليةً من الحياة السياسية بالعودة إلى الثكنات، وهنا ظهر مجددا لجناح عبد الناصر أن عودة البرلمان تعنى نهاية دور العسكريين فى حكم مصر وهو ما أدى إلى حدوث انقلاب على محمد نجيب والإطاحة به وخرجت الشعارات المناهضة للديمقراطية. كرسى فى الكلوب من يريد تعكير صفو الانتخابات البرلمانية القادمة بل يريد إفسادها ومبعث ذلك ما يقوم به د.على السلمى نائب رئيس الوزراء لمناقشة المواد فوق الدستورية قبل انتخابات البرلمان بأيام.. رغم الرفض التام من التيارات الإسلامية وبعض الأحزاب السياسية.. إن ما قام به السلمى هو كرسى فى الكلوب هدفه الوحيد هو إشعال الصراعات والخلافات.. لكن لصالح من.. ذلك هو السؤال؟؟!