الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
ومازلنا مع الساحر الفنان الكبير محمود عبدالعزيز، رحمه الله، وذكرياتنا معاً فى مسلسل «رأفت الهجان».. تعلمت منه الكثير فى هذا المسلسل، فقد تعلمت منه كيف يكون الفنان صادقا مع نفسه، فهو عندما كان يبكى فى المسلسل كان يبكى فعلياً، ولن أنسى هذا المشهد العظيم عندما وقف أمام يوسف شعبان وكنا فى استديو 5 نصور «داخلى» منزل بيت رأفت، يوسف شعبان (محسن ممتاز) وهو يقول له: «مصر أمانة بين إيديك». فتنتقل الكاميرا إلى وجه رأفت الهجان ويصمت قليلاً ثم يتحدث قائلاً: «وأنا رقبتى سدادة»، بعدها بلحظات يبكى رأفت الهجان ويبكى محسن ممتاز. بكى الاثنان فعلياً بكاء شديداً حقيقياً لم يكن تمثيلاً. إنه حب الوطن الذى تحول فى لحظات إلى كلمات يجسدها فنان فتنطلق إلى الواقع بأحاسيس صادقة. كان هذا المشهد من أهم المشاهد. والمشهد الآخر الذى أداه بمنتهى الصدق والبراعة مشهد وداعه لأخته شريفة عندما كان فى منزل شريفة وخرجت تقول له: «رأفت خلى بالك من نفسك، لا إله إلا الله محمد رسول الله»، ويبكى رأفت الهجان فى هذا المشهد وهو ينزل من على سلالم منزل شريفة باكياً. كان باكياً بالفعل.
لم يكن محمود عبدالعزيز يمثل البكاء كان يصدق هذه الشخصية لدرجة أنه اصبح جزءاً منها وأصبحت هى جزءا منه، لذلك عاش معها سنوات طويلة.. بعض الناس كانوا بيسألوا ويقولوا: محمود عبدالعزيز خد كام فى رأفت الهجان؟ لأن فى الفترة التى كان ينتج فيها التليفزيون المصرى وقطاع الإنتاج مسلسل رأفت الهجان كان أجر محمود عبدالعزيز فى القطاع الخاص مرتفعاً جداً، كان عامل لسه قبلها مسلسل «البشاير» إنتاج الشركة العربية للإنتاج الإعلامى. وكان معروفا أنه من أعلى الأجور فى السوق، لكن المدهش أن الراحل ممدوح الليثى، رئيس قطاع الإنتاج، عندما اتفق مع الفنان محمود عبدالعزيز على أجره فى مسلسل «رأفت الهجان» لم يضع الأخير أى شروط، لم يضع أى أرقام.. المفاجأة أن محمود عبدالعزيز كان أجره قليلاً جداً جداً وزهيداً. لم يسأل كم سيأخذ بقدر ما كان كل همه أن يعمل هذا الدور لأنه حابب هذه الشخصية. أجر محمود عبدالعزيز كان قليلاً جداً جداً جداً مقارنة بالأجور التى هو نفسه يحصل عليها فى القطاع الخاص، لكن حبه للشخصية جعله يتغاضى عن أى قيم أو أى أمور مادية فى سبيل تقديم هذا العمل. أثناء تصوير مسلسل «رأفت الهجان» كانت هذه الأيام بمثابة لقاء يومى جميل نسعد فيه جميعاً. فريق الإخراج والديكور والتصوير حالة من الألفة والمودة الشديدة تربطنا جميعاً، إفطار جماعى مشترك على فول وطعمية فى أوردر يبدأ الساعة 6-7 صباحاً. كان من أصعب المشاهد التى صورها الراحل محمود عبدالعزيز فى هذا المسلسل المشاهد التى عُرضت والتى تم تسجيلها أول يوم رمضان.