كان واحدا من الناس الطيبين المبدعين المتفانين في عملهم.. ارتبطت به شخصياً على المستوى الإنسانى فربطتنى به صداقة أعتز بها، حكى لى الكثير عن أعماله وما مر به خلال مشوار حياته وبحكم معرفتى الشخصية به، بعيداً عن الكاميرات والاستديوهات، كان محمود الجندى يمثل لى حالة إنسانية جميلة.. نشأ في أسرة كبيرة العدد ففضل أن يدخل ثانوى صناعى ليساعد والده في التقليل من المصاريف التي تثقل كاهله.. في المرحلة الإعدادية كان يهوى أن يدخل يشاهد فريق التمثيل وأوكل له معلمه دور أن يؤدى صوت صهيل الحصان في العرض وفى السنة التالية أعطى له دورا في المسرحية التي يقدمونها، ومن هنا بدأ حبه الشديد للمسرح بعدها بفترة كان اللواء وجيه أباظة محافظاً للبحيرة وكان مهتما جداً بالنشاط الثقافى والفنى فأفرد لهما مساحة كبيرة فكان النشاط الفنى في دمنهور في أوجه في تلك الفترة وجذب ذلك أكثر الفنان الكبير محمود الجندى للفن وأخذ ابن بلده الفنان الكبير محمود الحدينى مثلاً له فسار على دربه ودخل معهد الفنون المسرحية وقابل أول عقبة في طريقه عندما اكتشف بعد نحاجه في امتحانات القبول وعند ذهابه لتقديم أوراقه أنهم لا يقبلون الثانوى الصناعى ولنجاحه بامتحانات القبول أعطوه فرصة عمره كما وصفها فمنحوه فرصة ستة شهور للدراسة بالمعهد وامتحانه بعدها فإذا نجح سيستمر وإذا رسب فيترك مكانه لشخص آخر وبذل جهداً كبيراً فكان يدرس صباحاً ويعمل مساء بمصنع بالعباسية على نول وحصل على جيد جداً بالسنة الأولى، وأنهى دراسته بالمعهد عام 1967 ليدخل بعدها الجيش في ظروف صعبة على البلد كلها لتعرضها لنكسة 67 ليظل في الجيش حتى حرب أكتوبر عام 1973 لينهى خدمته عام 74 وبعد خروجه بدأ العمل بمسرح الطليعة بإعداد مسرحيات أو كمساعد مخرج وبعدها بدأ تأليف أشعار وأغان للمسرحيات ليسير في مشواره الفنى الكبير الذي توقف خلاله لمدة أربع عشرة سنة وابتعد عن السينما وقال عن تلك الفترة لى إنها كانت فترة لابد من التوقف بها لمحاسبة الذات وكان متأثرا وقتها بوفاة صديق عمره الأستاذ مصطفى متولى ووفاة زوجته بعدها في الحريق الذي التهم بيته وكان صريحاً مع نفسه، وقال إنه قبل تلك الفترة كان الغرور تمكن منه وأوهمه أن نجاحه بفضل مجهوداته فقط وجعله ذلك الغرور يرتبط بالعلم أكثر وامتلأت مكتبته بكتب عن الإلحاد إلا أن الحريق الذي اشتعل ببيته ورأى وقتها هذه الكتب وهى تحترق، واصفاً ذلك بأن هذا الجزء كان يحترق احتراقا شديدا أكثر من غيره وكأنها رسالة توجه له مما أشعل شرارة في عقله ليظل هذا المشهد في ذاكرته ويتراجع عن الطريق الذي سلكه في فترة ضعف.. رحم الله هذا الإنسان والصديق والفنان الكبير محمود الجندى وأسكنه فسيح جناته.