الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
مبنى ماسبيرو مبنى عريق له تاريخ طويل منذ أن تم إنشاؤه عام 1960 لكن لى تجربة شخصية وذاتية ولها خصوصية شديدة مع ماسبيرو فى عام 86.
عملت فى ماسبيرو كمساعد مخرج فى إدارة إنتاج استوديو 5، وكان ذلك فى مقتبل عمرى المهنى كمساعد مخرج فى ذلك الوقت، تعرفت على المخرج الراحل الأستاذ يحيى العلمى، وقدر لى أن أكون مساعداً له فى أول أعماله مسلسل رأفت الهجان الذى كان يقدمها من بطولة النجم الراحل محمود عبدالعزيز، كان ذلك أول عمل لى كمساعد للمخرج ولحسن الحظ بدأت العمل مع مخرج كبير مثل العلمى لن أتحدث كثيرا عن حكاياتى وذكرياتى مع رأفت الهجان لكن أتحدث عن ماسبيرو، فماذا رأيت فى ماسبيرو فى عام 86 أى بعد ستة وعشرين سنة، منذ نشأته رأيت فى ماسبيرو نظام شديد رأيت فى ماسبيرو كوادر فنية متميزة تسعى جاهدة لتقديم أفضل الأعمال التليفزيونية رأيت فى ماسبيرو قطاع إنتاج دراميا قويا جدا يعرف تحديات السوق، وقرر هذا القطاع الذى كان يرأسه وأسسه والدى رحمه الله عليه ممدوح الليثى أن ينافس سوق القطاع الخاص بعد أن استحوذت المحطات العربية الخاصة وشركات الإنتاج على كل نجوم مصر،
وكانوا يسافرون فى ذلك الوقت لاستديوهات دبى وعدنان لتصويرأعمالهم هناك، فجاءت نشأة قطاع الإنتاج لاستقطاب هؤلاء العناصر وبالفعل استطاع قطاع الإنتاج أن يستقطب جميع كبار النجوم، فشاهدنا مئات الأعمال الدرامية السينمائية والتليفزيونية، شاهدنا لأول مرة أيوب وعمر الشريف النجم العالمى يأتى لمصر ليصور فيلماً لصالح التليفزيون المصرى ويتقاضى أجراً قدره ألفين وخمسمائة جنيه وهو فى قمة السعادة، شاهدنا عادل أمام وهو يقدم أجمل روائعه ومحمود عبدالعزيز وهو يقدم رأفت الهجان، والكثير والكثير من كبار النجوم فى ذلك الوقت، أمثال شكرى سرحان، يحيى شاهين، فريد شوقى، وغيرهم كثير من كبار نجومنا، واستطاع التليفزيون المصرى أن يعيد النصاب وأن يعود التليفزيون إلى مقدمة الصفوف الإعلامية كرائد من رواد العمل الإعلامى فى المنطقة.. لم يقف نشاط التليفزيون على إنتاج الأعمال الدرامية السينمائية والتليفزيونية واستقطاب كبار النجوم الذين كانوا يأتون طوعا إلى هذا المبنى العريق حباً فى كلمة ماسبيرو صاحب الفضل على الجميع من الكبار حتى الصغار،
لكن أيضاً إنتاج البرامج كان هناك إدارات لإنتاج البرامج، وقدر لى فى تلك الفترة أن ألتحق بالعمل بالقناة الثالثة، كانت فى تلك الفترة قناة وليدة ما زالت تبنى من الداخل بكوادر شابة جداً، أذكر منهم من زملائى الأعزاء الذين كانوا معى عصام الأمير ومحمد العامرى وغيرهما من المخرجين المتميزين الذين أصبحوا اليوم من كبار قيادات اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وظهرت القناة الثالثة، كانت برامجها سريعة وحيوية وشيقة، كانت تنهل من منهل المشاكل الخاصة بالمواطن، وتعبر عنها بشكل موضوعى شديد، كانت الإذاعة المصرية هى الرائدة وكان رواد العمل الإذاعى هم الرواد فى مجال الإعلام فى العالم العربى كله كل ذلك أذكره، وأتذكر كيف كان ماسبيرو عملاً شاقاً ومجهوداً كبيرا فى هذا المبنى العملاق الكائن على ضفاف النيل، لن أنسى أبداً يوم أن اندلعت النيران فى ماسبيرو فى عام 87، وكان جميع العاملين يبكون وهم واقفون أمام المبنى وتحترق منهم بعض الأدوار حباً فى هذا المبنى العريق، كانت الدولة كلها تهتم بمبنى ماسبيرو، كانت الجهات الرسمية فى الدولة تلجأ إلى ماسبيرو، ولن أنسى ذلك اليوم الذى لجأت فيه المخابرات العامة المصرية لماسبيرو ولقطاع الإنتاج لإنتاج أعمال درامية تعيد الانتماء للشباب الوطنى، فكان مسلسل رأفت الهجان ومن قبله دموع فى عيون وقحة ومن بعده السقوط فى بئر سبع والحفار وغيره، وأيضاً القوات المسلحة تعاملت مع ماسبيرو وأنتج لها قطاع الإنتاج أعمالا متميزة مثل الطريق إلى إيلات والكثير من الأعمال الدرامية المتميزة والأوبريتات التى تمجد فى المقاتل المصرى والجندى المصرى الذى حارب وقاتل فى سبيل الدفاع عن مصر،
كانت جميع الجهات الرسمية حتى الداخلية تلجأ إلى التليفزيون لإنتاج أعمال تليفزيونية درامية متميزة يبرع فيها كبار الكتاب، وكان ماسبيرو هو المنتج المنفذ لتلك الأفكار المتميزة هذه الأفكار الوطنية أقول هذا الكلام اليوم، لأننا نرى ماسبيرو والحال الذى وصل له ماسبيرو، وأتساءل فى منتهى الدهشة لماذا لا تدعم الدولة ماسبيرو لماذا تفكر الدولة فى بدائل لماسبيرو، ولدينا بنية أساسية قوية جدا متمثلة فى مكتبة شرائط مليئة بملايين الشرائط والتراث الذى تسعى جميع قنوات العالم لشرائها لماذا لا ندعم ماسبيرو وبه أكبر استديوهات الشرق الأوسط مثل استديو 10 و5 و2 و1 وغيرها من بلاتوهات متميزة أنتج فيها كبار الأعمال الدرامية لماذا لا ندعم ماسبيرو وبها عشرات الإعلاميين المتميزين من مقدمى ومخرجى برامج وإذاعيين واستديوهات متميزة، لماذا لا ندعم ماسبيرو ولديه جهاز كامل للخدمات الإنتاجية ليس قادرا على إنتاج مسلسل أو اثنين بل على إنتاج أكثر من ثلاثين عملاً فى وقت واحد، أننا جميعا نحتاج إلى أن نعيد النظر مرة أخرى فى القرارات التى تتخذ خلال ماسبيرو، أننى ضد فكرة استبعاد ماسبيرو من المشهد الإعلامى ضد فكرة استبعاد هذا المبنى العملاق الذى كان له دور عظيم فى تاريخ مصر على مدار العقود السابقة أن نتجاهله وننساه وندعم غيره وليس عيباً أن ندعم الإعلام الخاص لكن فى نفس الوقت علينا أن نعيد الريادة مرة أخرى إلى الإعلام المصرى، نعم كان إعلاماً رائداً فى المنطقة العربية، وعندما كنا نقيم مهرجان الإذاعة والتليفزيون كانت تأتى لنا جميع القنوات العربية، نعم كانت لنا الريادة العربية عندما جاءت جميع المحطات العربية لتخوض فى تنافسية لمن يحظى بشراء أهم أعمال رمضان التى ينتجها قطاع الإنتاج فى فترات سابقة، علينا أن نعيد تلك الفترة السابقة، علينا أن نعيد العصر الذهبى لماسبيرو ونحن قادرون على ذلك إذا ما كانت هناك نوايا صادقة لدعمه مادياً وقبل ذلك معنوياً.