الرئيسية
البرامج
برنامج رمضان المصري
برنامج مولانا
برنامج أبواب الخير
المقالات
من هو عمرو الليثي
الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
ليلة القدر
قناة الموقع على اليوتيوب
ليلة القدر
بقلم
عمرو الليثى
٢٦/ ٨/ ٢٠١١
شعور دافئ ينتاب الإنسان وهو يقف أمام بيت الله الحرام.
الملايين جاءوا من كل مكان فى أنحاء المعمورة ليغتنموا فضل عمرة رمضان التى تساوى حجة مع الرسول عليه الصلاة والسلام..
فى هذا العام شعرت وغيرى من المصريين بأننا نفتقد الشعور بالأمان فى حياتنا وأتصور أن الدعاء المشترك لنا هو اللهم أمنّا فى أوطاننا واستر عوراتنا وآمن روعاتنا وأنزل السكينة فى قلوبنا..
وفى أثناء صلاة التراويح تكتم الأنفاس أثناء الدعاء والعبد يقف أمام خالقه لا حول له ولا قوة..
لحظات رائعة كتبها الله للجميع.. وفى أثناء قيامى بطواف الوداع واستعدادى للسفر إلى المدينة المنورة لزيارة الحبيب عليه الصلاة والسلام استوقفتنى وأنا أسير داخل الحرم سيدة مصرية مسنة يبدو للوهلة الأولى أن عمرها قد تجاوز الثمانين.. كانت تجلس على الأرض بعد الانتهاء من صلاة التراويح، وجهها بشوش تزينه تجاعيد السن وتكسوه ابتسامة شاهدتها من قبل وأنا أزور ريف مصر..
ذكرتنى بالست «أم إبراهيم»، رحمها الله، جلست بجوارها وبعد لحظات تعرفت عليها.. إنها سيدة من محافظة الشرقية تدعى «أم سيد» جاءت لتؤدى العمرة لأول مرة وقالت لى: «يا بنى محدش ضامن عمره..
كان نفسى أزور وأملى عينيه بالكعبة»، ووجدتنى أجلس أمامها رغم أن الوقت يمر سريعا، ويجب أن ألحق السيارة للسفر إلى المدينة المنورة إلا أن حوارى مع الست «أم سيد» كان يفرض نفسه علىّ وأردت أن أستمع لها وأسألها: «إيه اللى شاغلك».. قالت لى: «خايفه على البلد»..
وبالمناسبة هى لا تعرفنى وأتصور أيضا أنها لا تشاهد التليفزيون، لكنها فضفضت لى كابن لها عن شعورها بعدم الأمان.. قالت لى: «يا بنى البنت بنت ابنى راجعة من مشوار فى عز النهار طلعلها بلطجى وسرق الحلق بتاعها والحمد لله يا بنى إن الموضوع وقف عند كده.. ابنى قالى يا أمه ما تيجى نسيب البلد ونسافر.. قالت له نسيب بلدنا علشان واحد بلطجى أو حرامى.. لا يا بنى.. أنا عشت وهاموت فيها..» وبصوت خافت سألتنى: «تفتكر يابنى ابنى عنده حق إن احنا نسافر ونسيب البلد»..
قلت لها: «لا يا أمى إنت كلامك صح «هنسيب بلدنا».. المهم فى حوارى مع «أم سيد» شعرت بأن عدم الأمان شعور يسيطر على جميع المصريين.. تركتها، وأنا فى طريق سفرى إلى المدينة جاءنى تليفون من صديق لى يعمل طبيب أطفال اسمه أحمد قال لى: «يا عمرو الحقنى عربيتى راكنها فى الجراج واتسرقت.. ومش عارف أعمل إيه»..
ذهلت وقلت له: «معقولة يا أحمد تتسرق من الجراج».. رد على وقال لى: «أيوه»..
قلت له: «عملت محضر».. رد على وقال لى: «آه عملت لكن دى المحاضر كتير».. المهم أحمد التقط نفسه وهو يقول لى: «النهارده كلمنى واحد وقال لى لو عايز العربية إدفع لنا ١٥ ألف جنيه».. أحمد سألنى: «إيه رأيك أدفع؟».. وجدت نفسى لا أدرى كيف أرد على أحمد..
ولكنى وجدت الإجابة على لسانه قائلا: «ده فيه ناس كتير اتسرقوا ودفعوا وخدوا عربياتهم وعلى فكرة العربية موجودة فى مكان مخصص لسرقة السيارات واللصوص بيحموا هذا المكان بـ(آر.بى.جى)..
لم أصدق نفسى وأنا أستمع لما يقوله أحمد كما لو أننا أصبحنا نعيش فى دولة أخرى غير مصر.. وفى النهاية أغلقت السماعة مع أحمد وأنا فى طريقى للمدينة المنورة يجول بخاطرى حوارى مع «أم سيد» ومكالمتى مع صديقى «أحمد».. بخلاف ما أقرؤه فى الصحف عن أن هناك مناطق محظوراً السير فيها مساء لوجود الحرامية والبلطجية وأن هناك مناطق لا تستطيع الشرطة الدخول إليها.. زاد القلق بداخلى وأنا أنظر لأولادى كيف سيذهبون إلى مدارسهم فى ظل حالة عدم الأمن والأمان..
كيف أطمئن على ابنتى وابنى إذا خرجا مع زملائهما فى النادى، من يضمن لى أن أحدا لن يتعرض لهما؟! شعرت وكأنى أعيش كابوساً لم أستيقظ منه إلا وأنا فى مدينة رسول الله وعلى مقربة من المسجد النبوى الشريف.. وفى اليوم التالى اعتاد أهل المدينة أن يقيموا الموائد داخل المسجد والتى تحتوى على بلح وزبادى ودقة والكرم كله فى المدينة وأهلها، وجاء حظى فى مائدة أقامها مصرى مقيم فى المدينة منذ عشرين عاما، واعتاد أن يقيم مائدة الرحمن كل عام.. وكان أول شىء قاله لى بعد أن رحب بى: «شفت اللى حصل النهارده».. قلت له: «إيه؟»..
قال لى: «خناقة فى الموسكى بالمولوتوف والرشاشات».. أسقط فى يدى وقلت له: «وإيه العمل؟».. رد على «العمل عمل ربنا، ربنا يسترها علينا وعلى أولادنا».. وبعد الانتهاء من الإفطار وقفنا جميعا خلف الشيخ الحذيفى نؤمن خلفه وهو يقول: اللهم أمنا فى أوطاننا وآمن روعاتنا وولّ أمورنا خيارنا ولا تولها شرارنا.. يارب يعود الأمن.. يعود للقلوب والنفوس.. يارب بحق ليلة القدر أن تقبل دعاءنا.. اللهم آمين.