الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
ونحن نستقبل نسمات ليلة القدر اليوم، ليلة 27 رمضان، ونسأل الله أن يبلغنا ليلة القدر، أكتب إليكم من جنة الله فى أرضه من مدينة الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- طَيْبةَ الطيِّبةَ، ملتقى المهاجرين والأنصار، وموطن الذين تبوأوا الدار والإيمان، والعاصمة الأولى للمسلمين.
فيها عقدت ألوية الجهاد فى سبيل الله، فانطلقت كتائب الحق لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومنها شعَّ النور، فأشرقت الأرض بأنوار الهداية، وهى دار هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم إليها هاجر، وفيها عاش آخر حياته- صلى الله عليه وسلم- وبها مات، ومنها يُبعث صلى الله عليه وسلم، ومن ثم عظُم شرفها، وعلت منزلتها، حتى فُضلت على سائر بقاع الأرض ـ عدا مكة المكرمة- وفضائلها كثيرة، منها محبته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودعاؤه لها فقد دعا النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ربه قائلا: (اللهم حبب إلينا المدينة كحبّنا مكة أو أشد) وعن أنس – رضى الله عنه – قال: (كان النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا قدم من سفر فأبصر إلى درجات المدينة، أَوْضَع ناقته (حثها على السرعة)، وإن كان على دابة حركها، زاد الحارث بن عمير: (حركها من حبها).
كما وعد النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ من صبر على شدة المدينة وضيق عيشها بالشفاعة يوم القيامة، فعن سعد بن أبى وقاص – رضى الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه، ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها (الشدة وضيق العيش)، إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة)، بها تنفى الذنوب والأوزار، ويجتمع فيها الإيمان: عن أبى هريرة – رضى الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الإيمان ليأرز (ينضم ويجتمع) إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها،
وعن زيد بن ثابت ـ رضى الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنها – أى المدينة – طَيْبةُ، تنفى الخبث، كما تنفى النار خبث الفضة).. تكفل الله بحفظها من كل قاصد إياها بسوء، وتوعد النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أحدث فيها حدثاً، أو آوى فيها مُحْدِثاً، أو كاد أهلها بالهلاك، وبلعنة الله وعذابه. عن أبى هريرة – رضى الله عنه – قال: قال رسول ـ الله صلى الله عليه وسلم (لا يكيد أَهْلَ المدينة أحد، إلا انماع (ذاب) كما ينماع الملح فى الماء) ومن فضائل هذه المدينة المباركة أن الله تعالى جعلها حرما آمنا كما جعل مكة حرماً آمناً، وقد جاء عن النبى ـ صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها، وإنى حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة، وإنى دعوت فى صاعها ومدها بمثلى ما دعا به إبراهيم لأهل مكة) هذه هى مدينة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتلك بعض فضائلها، فلا عجب إذاً أن تكون لها مكانة فى النفوس ليست لغيرها، فمن وفقه الله لسُكْنى هذه المدينة المباركة، عليه أن يستشعر أنه ظفر بنعمة عظيمة، فيشكر الله عليها، ويحمده على هذا الفضل والإحسان فاللهم لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك.