الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
علاقة غريبة ومتشابكة جمعت بين الرئيس والمشير علي مدار تاريخ مصر.. فعندما زادت شعبية عبد الحكيم عامر في الجيش كان ذلك مصدر قلق ليس للرئيس عبد الناصر وحده ولكن لكل من كانوا حول عبد الناصر.. واذكر ان السيد أمين هويدي رحمه الله قد حكي لي انه عندما تم تكليفه من قبل الرئيس عبد الناصر أن يكون قائداً للجيش وذهب الي بعض المعسكرات ووجد صورة المشير عامر مازالت معلقة رغم إقالته وحكي لي كيف انه كان في حيرة من الأمر وكيف ان عامر كانت له شعبية جارفة في داخل القوات المسلحة خاصة أن عامر رفض المحاكمات التي أقيمت لقادة الجيش المصري بعد هزيمة يونيو 1967 وانه قال لناصر (إذا حاكمتهم فأنا وانت اولهم).. كان معروفاً عن عامر انه يحمي رجاله في القوات المسلحة وقد تردد أن بعض القادة قد نصحوا المشيرعامرأن يذهب الي معسكرانشاص وتجميع القوات حوله.. وان يعود لعمله مرة اخري بقوة السلاح.. لكن عامر رفض هذا الاقتراح.. ولما ذهب الرئيس عبد الناصر لمنزل عبد الحكيم عامر في الجيزة هناك طلب بعض قادة الجيش من عامر ان يقومواباعتقال الرئيس عبد الناصر في منزل الجيزة وهو ما رفضه بشدة المشير عامر.. وفي النهاية انتهت قصة عامر وناصر نهاية مأساوية بكل المقاييس واتضح ذلك بوضوح في الوصية التي تركها عبدالحكيم عامر والتي اشار فيه إلي ان ناصر تخلي عنه وانه يشعر أنه سوف يقتل! وانتهي الفصل الأخير من الرواية الدرامية عن علاقة الرئيس عبدالناصر بالمشير عامر.. باغتيال عامر.. أما الفصل الأخير من رواية الرئيس مبارك والمشير أبوغزالة كانت نهايتها دون دماء تسال أو أرواح تزهق. لكن المشير أبوغزالة تعرض لخديعة كبري.. بدأت بمكالمة تليفونية من الرئيس السابق مبارك يخبره فيها أنه قرر تعيينه نائباً لرئيس الجمهورية وجاءه استدعاء فوري ليذهب إلي القصر الجمهوري لحلف اليمين وعندما وصل ادخلوه إلي غرفة وأغلقوا عليه الأبواب لمدة تجاوزت الثلاث ساعات.. في تلك الفترة كان المشير أبوغزالة منفصلاً تماماً عن العالم الخارجي ولا يعرف ماذا يحاك له.. وفي تلك الفترة كان مبارك قد استدعي الفريق يوسف صبري أبو طالب من خارج الخدمة وعينه وزيراً للدفاع وبعد أن اقسم أبوطالب اليمين أمام مبارك فتحوا الباب لأبوغزالة وأبلغوه انه سوف يقسم اليمين كمساعد لرئيس الجمهورية وليس كنائب رئيس كما ابلغه مبارك.. وكانت هذه خديعة أشبه بخديعة أبي موسي الأشعري.. وتعددت الآراء لماذا أعطي مبارك أبوغزالة هذا ( الشلوت لأعلي) كما قيل في ذلك الوقت.. هل يعود ذلك الي ارتفاع شعبية المشير أبوغزالة في داخل القوات المسلحة.. أم أن ذلك لرغبة أمريكية في الإطاحة بالمشير أبوغزالة لمواقفه المتشددة في ذلك الوقت حيال بعض قضايا التسليح وغيرها وليس هنا مجالها! وبعد أيام قليلة من إطاحة مبارك بأبوغزالة وتعيينه في وظيفة شرفية كمساعد رئيس جمهورية دون صلاحيات بدأت بعض الصحف الرسمية تهاجم المشير أبوغزالة وتحاول توريطه في قضية عرفت في ذلك الوقت باسم قضية لوسي أرتين محاولة ان تتحدث عن علاقة ربطتها بالمشير أبوغزالة.. وبالطبع كانت هذه الحملة الصحفية هي نهاية علاقة ابوغزالة بمبارك.. فقدم ابوغزالة استقالته من عمله كمساعد لرئيس الجمهورية والغريب أنه وبعد مرور كل هذه السنوات تبين ان المشير ابوغزالة لم يكن متورطاً في قضية لوسي ارتين.وهنا جاءت نهاية العلاقة بين الرئيس والمشير وانتهت بإقصاء ابوغزالة وإبعاده عن سدة الحكم وطلب منه أن يغلق فمه.. فظل الرجل لسنوات طويلة ممنوعاً من الكلام لايتحدث لأحد ولا حتي يستقبل أحداً.. ومع ذلك كانت شعبيته في القوات المسلحة لاتزال جارفة.. إلي أن جاء عام 2005 وبدأت الشائعات تقول: إن أبوغزالة سيكون مرشح الحزب العربي الناصري علي مقعد الرئاسة.. في تلك اللحظات جاء للمشير طلب استدعاء ليقابل الرئيس السابق وبالطبع مفهوم أن هذا اللقاء كان لإثناء أبوغزالة عن خوض انتخابات الرئاسة وبالفعل تراجع الرجل أو أُجبر علي التراجع.. إلي أن وافته المنية وبالطبع كعادة أي رئيس يقتل وزير دفاعه ولو علي الأقل (نفسياً).. ذها مبارك ليسير في جنازته.. ويبقي السؤال مطروحاً.. لماذا أطاح مبارك بأبوغزالة.. رغم أن الرجل كان مخلصاً له طوال خدمته.. وإذا أراد أن يأخذ السلطة فكان أمامه موقفان الأول يوم 6 اكتوبر1981 وبعد اغتيال السادات.. والثاني في أحداث الأمن المركزي عام 1986.. لكن يبدو أن الرئيس السابق تخلص من المشير.. خوفاُ من تكرار تجربة ناصر وعامر.. وللحديث بقية في علاقة الرئيس بالمشير في مصر.