مازلنا مع دراما رمضان، ومازلنا مع أعمال قطاع الإنتاج وأعمال التليفزيون المصرى في فترة الثمانينيات والتسعينيات.. وأذكر أن والدى- رحمة الله عليه- الأستاذ ممدوح الليثى، مؤسس قطاع الإنتاج، كان دائما يقول لى إنه لا يجب أبدا أو يشترط أن تكون حلقات المسلسل التليفزيونى ثلاثين حلقة، لكن الأهم والأفضل من ذلك أن تكون الحلقات متناسبة مع كم الأحداث، بحيث يكون هناك كم أحداث كثيرة في الحلقة الواحدة، فيستمر المسلسل في جاذبيته واهتمام المشاهد به والإقبال عليه، ولذلك نجد أن أغلب مسلسلات القطاع لم تكن تتجاوز حلقاتها الخمس عشرة حلقة، وكانت تتسم بالإيقاع السريع والجاذبية الشديدة، ونتيجة لذلك كان المشاهد يقبل عليها دون أن يشعر بالملل أو التطويل، على عكس ما يحدث اليوم من شعور الجميع بالملل والتطويل في الأعمال التليفزيونية التي نشاهدها، فنجد أن المسلسل يبدأ بإيقاع قوى جدا في أول أسبوع من رمضان، ثم نكتشف أن هناك ترهلا في الإيقاع ومللا وتطويلا وتكرارا للأحاديث والحوارات،
رغم أن الحدث الرئيسى تم طرحه في أولى الحلقات لتأتى الحلقات في النهاية، فيزداد إيقاعها ونشعر أن هناك حلقات يجب أن يتم اختصارها.. فعلينا إذًا أن نعود إلى الطريق القديم الذي سلكه والدى- ممدوح الليثى، رحمه الله- بأعمال قطاع الإنتاج، وهو أن تكون الدراما متناسبة مع عدد الحلقات، فهناك أعمال تقدم في سبع حلقات تسمى سباعية، وهناك مسلسلات من عشر حلقات وخمس عشرة حلقة.. وإذا وجدت المسلسلات الطويلة المليئة بالأحداث التي تستحق ثلاثين حلقة فلا مانع حينها. ولو تذكرنا مثلا أن مسلسل «رأفت الهجان» الجزء الأول كانت حلقاته خمس عشرة حلقة، ومع ذلك حقق نجاحا جماهيريا كبيرا، كذلك حلقات مسلسل «ليالى الحلمية» الجزء الأول كانت خمس عشرة حلقة فقط، وهما عملان كبيران، لكنهما لم يصلا إلى ثلاثين حلقة، وأُنتجت لهما أجزاء ثانية وثالثة لأن القماشة الدرامية كبيرة، وتستوعب حلقات أكثر.. واستطاع والدى، ممدوح الليثى، وقطاع الإنتاج بهذه التوليفة تقديم أعمال خالدة في تاريخ الدراما المصرية، وتجاوز في منافسته الكثير من شركات الإنتاج الخاصة الكبيرة، التي ما لبثت أن أوصدت أبوابها بعد فشلها في مجاراة قطاع الإنتاج بأعماله المميزة وإنتاجه الوفير، والذى تجاوز (1500) ساعة.. مما حفظ للفن المصرى ريادته وشموخه وتفوقه على جميع الأسواق العربية.. وكان والدى، ممدوح الليثى، حريصا على اختيار النصوص بنفسه والاتصال بالروائيين الكبار والإسراع في التعاقد معهم ومع كتاب السيناريو المميزين، وكانت عيونه اللاقطة تميز بين الصالح والطالح.. وبفضل تميز الأعمال الدرامية في عهده، استطاع أن يجتذب الكفاءات الموهوبة وأن يمنحها التقدير الأدبى والمادى.. ويشجعها على حرية التعبير.. والجرأة في تناول موضوعات وقضايا جسورة.