الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
لعبت الفنانة الكبيرة ماجدة دورًا مهمًا بذكاء فطرى فى إثراء السينما المصرية بعدد من أقوى وأبرز الأفلام، فمنذ البداية تميزت بطموح نادر ووظفت كل ذكائها وتفكيرها فى هدف واحد هو الوصول إلى القمة، وأرادت أن تصبح واحدة من منتجات السينما كـ«آسيا داغر ومارى كوينى».
وقد تعلمت فى صباها دروسًا كثيرة، إذ كانت تتبناها الفنانة الكبيرة بهيجة حافظ، وبعد عدة بطولات من أفلام صغيرة قررت أن تحول قصة الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس «أين عمرى» إلى فيلم تقوم ببطولته وتنتجه ويخرجه الأستاذ أحمد ضياء الدين، وبعد هذا الفيلم قفزت ماجدة إلى النجومية.
فى أوائل الستينيات، بدأت تتكشف خطوط الثورة الجزائرية، ثورة المليون شهيد، وأذيعت قصة عذراء الجزائر المناضلة «جميلة بوحيرد» التى عانت أبشع ألوان التعذيب والقهر على أيدى المستعمر الفرنسى، وتعاطف معها الشعب العربى من المحيط إلى الخليج، وسارعت ماجدة بذكائها الفطرى فى اقتناص الفرصة، وكلفت الكاتب الكبير يوسف السباعى بإعداد القصة فى سيناريو فيلم أخرجه المخرج الكبير يوسف شاهين، وكان من أبطاله رشدى أباظة وأحمد مظهر.. وكانت فرصة عظيمة لتكتب الفنانة ماجدة سطورًا بارزة فى مسيرتها السينمائية.
ومن أبرز المواقف التى تعرضت لها فى مشوارها الفنى حكايتها مع الأستاذ توفيق الحكيم، فبعد شهور من ثورة يوليو 1952 نظمت إدارة الشؤون العامة للقوات المسلحة قافلة خيرية تطوف أرجاء مصر لجَمْع التبرعات للفقراء، وعُرفت القافلة وقتها باسم «قطار الرحمة»، وشاركت بها مجموعة كبيرة من الفنانين، من بينهم ماجدة الصباحى، ولم يتوقف الأمر عند ركوب «قطار الرحمة» والتنقل بين مديريات مصر كلها، بل حمل الفنانون صناديق التبرعات وطافوا على الأماكن العامة التى يتواجد فيها أثرياء مصر وكبار شخصيات المجتمع المصرى.
ونصح بعضهم الفنانة ماجدة بأن تحمل صندوقها وتذهب إلى شرفة فندق سميراميس المطلة على النيل، حيث يتجمع فى أمسيات الصيف علية القوم من المشاهير والمثقفين والأدباء، يتجمعون فى شلل صغيرة، وكانت الشرفة قد تحولت إلى مقهى صغير مفتوح على النيل فى مبنى سميراميس القديم، وذهبت ماجدة تحمل صندوق التبرعات، واقتربت من شلة الأدباء الكبار، حيث يتوسطهم الأستاذ توفيق الحكيم، ويحيط به الأستاذ نجيب محفوظ والأستاذ صالح جودت والأستاذ ثروت أباظة، وبالطبع بدأت بالحكيم الذى قال إنه لا يحمل مالًا فى العادة.
وكان ثروت أباظة أول المتبرعين، وتلاه صالح جودت ونجيب محفوظ الذى قال مداعبًا: على فكرة توفيق بك بيخبى الفلوس فى البيريه.. وأصرت ماجدة على أن تفتش البيريه، ولم يجد توفيق الحكيم بُدًّا من أن يخرج من أحد جيوبه محفظة صغيرة ليخرج خمسة جنيهات فقط ورقة واحدة لكى يضعها بالصندوق ولسان حاله يقول: «منك لله يا نجيب»، وكانت جنيهات الأستاذ توفيق الحكيم حديث الوسط الفنى والأدبى.. رحم الله فنانتنا الكبيرة ماجدة الصباحى.