الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
وجاء الشهر الذى ترفع فيه الأعمال إلى الله، الشهر الذى تحولت فيه قبلة المسلمين من بيت المقدس إلى بيت الله الحرام فى مكة المكرمة، جاء شعبان شهر السُقيا، فرجب هو شهر البذر، وشعبان هو شهر السُقيا، وشهر رمضان الكريم هو شهر الحصاد، فما تريد أن تجنيه فى رمضان فازرعه فى رجب وشعبان، وحدثت فى شهر شعبان أحداث عظيمة جداً منها تحويل قبلة المسلمين من بيت المقدس لبيت الله الحرام، فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم صلى إلى بعد الهجرة بستة عشر أو سبعة عشر شهرا كان يتجه- والمسلمون- فى صلاته إلى بيت المقدس، وكان يحب أن يُوجّه إلى الكعبة لأنها كانت قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء والله يعلم ما فى نفسه فأنزل الله عز وجل فى كتابه العزيز «قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره» ولعلنا ونحن فى هذا الشهر الكريم ونستعد لدخول شهر رمضان المعظم نحول قبلتنا نحن أيضاً، ليست قبلة الصلاة وإنما قبلة الحياة، فليحول كل منا قبلته ناحية الخير ولنعرض عن إيذاء بعضنا البعض والكيل لبعضنا ونهش أعراض بعضنا البعض، فيجب أن نحول القبلة الآن، فالإنسان إذا أخطأ فى قبلة الصلاة فإنه يعيد الصلاة، ولكن إذا أخطأ الإنسان فى قبلة الحياة تاه وضاع فى الدنيا والآخرة. ومن الأحداث العظيمة أيضا فى شهر شعبان أنه الشهر الذى فُرض فيه صيام رمضان كما فُرضت فيه فريضة الزكاة وزكاة الفطر، ومن فضائل هذا الشهر الكريم أنه ترفع فيه الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى، فعن أسامة بن زيد- رضى الله عنهما- قال: قلت يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشّهور ما تصوم من شعبان؟ قال: «ذاك شهرٌ يغفل النّاس عنه بين رجب ورمضان وهو شهرٌ ترفع فيه الأعمال إلى ربّ العالمين، فأحب أن يرفع عملى وأنا صائم».
وعن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا كانت ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمن، ويملى للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه»، فلنسارع بترك البغضاء والشحناء، فلا يوجد فى الدنيا أجمل من التصالح ولغة العفو الجميلة، فمن عفا وأصلح فأجره على الله، فاللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بينـنا، واهدنا سبل السلام.