الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
احتفلنا خلال هذا الشهر بذكرى ميلاد حبيبنا وشفيعنا محمد، خير خلق الله، عليه أفضل الصلاة والسلام. ومما لا شك فيه أن كل شىء له مقياس، فإذا أردنا أن نقيس أخلاق أى إنسان موجود على سطح الأرض إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، تكون وحدة الخُلق هى خُلق رسول الله، عليه أفضل الصلاة والسلام، فهى التى تُقاس بها درجة الأخلاق عند أى إنسان، لأن حبيبنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تمثلت فيه الإنسانية بكامل معالمها، فالنبى، عليه الصلاة والسلام، يضرب مثلاً أعلى فى كل اتجاه، فعلى مر التاريخ نجد عظماء لهم باع فى العظمة يمكن أن يكونوا مثلاً أعلى فى باب من الأبواب، إلا رسول الله، فهو مثل أعلى فى كل الأبواب. مثال على ذلك فإن كل شخصية عظيمة فى التاريخ تستقرئها وتريد أن تدخل وتقترب من محرابها تقل الصورة والهالة المضيئة كلما اقتربت منها إلا رسول الله، عليه الصلاة والسلام، فكلما اقتربت زادت هيبته (هابه أقرب الناس إليه)، فها هو أبوسفيان يقول: «ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كما أحب أصحاب محمد محمداً»، فهيأه تفوقه أن يكون واحداً فوق الجميع.. فالإنسان وهو يقف على باب الأخلاق يكتشف العجب العجاب،
فالعبادات عندما نستقرئها نجد جميع ثمراتها أخلاقية.. فكان رسول الله، عليه أفضل الصلاة والسلام، يتعجب من أن من علامات الساعة أن يصبح السلام للمعرفة فقط، فكان يقول: «ألقِ السلام على مَن تعرف وعلى مَن لا تعرف».. فالأخلاق توجد فى كل العبادات، فإذا نظرنا إلى الصلاة قال تعالى: «إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر»، فإذا لم تَنْهَ الصلاة عن الفحشاء والمنكر فليس كل مصلٍّ يصلى.. فقال تعالى فى حديثه القدسى: «إنما أقبل صلاة مَن تواضع بها لعظمتى، ولم يتعاظم بها على خلقى، وألزم قلبه خوفى، وقطع النهار بذكرى، وكفَّ نفسه عن الشهوات من أجلى، وأطعم الجائع، وكسا العارى، وآوى الغريب، فذلك الذى يشرق نور وجهه يوم القيامة مثل الشمس».. ولنا فى رسولنا الكريم الأسوة الحسنة فى مكارم الأخلاق، فالرسول، صلى الله عليه وسلم، لم يتلفظ مرة بلفظة نابية، وما نظر إلى إنسان شزراً أبدا، كان دائماً باسماً متواضعاً، يجلس حيث انتهى به المجلس، لا يمد رجليه بين صحابته، تجتمع فيه فضائل الخلق، فمه لا يتكلم فى غير حاجة، ولا يتكلم إلا فيما يُرجى ثوابه، يتكلم بجوامع الكلم، فصلاً، لا فضول فيه ولا تقصير، دمث لين، ليس بالجافى ولا بالمهين، تعظم عنده النعم لا يذم منها شيئاً، ولا تُغضبه الدنيا وما كان لها، فكان أكثر الناس تسامحاً، وأكثر الناس عفواً، وأكثر الناس سماحة، وأكثر الناس حلماً، فهو الرحمة المهداة، شفيعنا وحبيبنا، رسول الله، صلى الله عليه وسلم.