نشعر بافتقاد فرحة العيد مع رحيل الأعزاء الذين نعيش على ذكراهم وذكرياتنا معهم، سواء آباؤنا أو أمهاتنا الراحلون، وذلك يذكرنى عندما جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن هاهنا غلاماً قد احتضر؛ يقال له: قل لا إله إلا الله، فلا يستطيع أن يقولها. قال: أليس قد كان يقولها فى حياته؟ قال: بلى، قال: فما منعه منها عند موته؟ قال: «فنهض رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ونهضنا معه حتى أتى الغلام، فقال: يا غلام! قل لا إله إلا الله. قال: لا أستطيع أن أقولها، قال: ولِمَ؟ قال: لعقوق والدتى، قال: أحيةٌ هى؟ قال: نعم، قال: أرسلوا إليها، فأرسلوا إليها، فجاءت، فقال لها صلى الله عليه وسلم: ابنك هو؟ قالت: نعم. قال: أرأيت لو أن ناراً أججت، فقيل لك: إن لم تشفعى له قذفناه فى هذه النار. قالت: إذن كنت أشفع له، قال: فأشهدى الله، وأشهدينا معك أنك قد رضيت. قالت: قد رضيت عن ابنى، قال: يا غلام! قل لا إله إلا الله. فقال: لا إله إلا الله. فقال صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذى أنقذ.
نعم، فرضا الوالدين من رضا الله عز وجل، وقد قرنه الله تعالى بتوحيده، فقال تعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً»، والأم مقدمة على الأب فى البر وحسن الصحبة، فلقد جاء رجل إلى النبى، صلى الله عليه وسلم، فقال: من أحق الناس بحسن صحابتى؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. فالبر بالوالدين طريق الإنسان الأقرب إلى الجنة، كما أن عقوقهم من أكبر الكبائر، وقد أمر الله بمصاحبة الوالد فى الدنيا بالمعروف وإن كان مشركاً. قال تعالى «وَصَاحِبْهُمَا فِى الدُّنْيَا مَعْرُوفاً»، وعلينا جميعاً أن نتذكر أن الأم قد صبرت علينا كثيراً فى حملها لنا وتربيتنا والسهر علينا، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، ولتحذروا من التقصير فى حقها وبرها، فإن رضا الله سبحانه من رضاها وسخطه فى سخطها، قال النبى صلى الله عليه وسلم: رضا الله من رضا الوالد، وسخط الله فى سخط الوالد، وها هى ذى الفرصة سانحة لكل ابن ضل عن طريقه أن يراجع نفسه، ويعود إلى الطريق الصحيح، فالأيام المباركة التى نعيشها لهى فرصة عظيمة لنبذ الخلافات وفتح صفحة جديدة مع النفس ومع الغير، وكل عام وأنتم بخير.