الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
تكلمنا فى المقال السابق عن أعظم يتيم على وجه الأرض وهو القدوة والمثل لنا جميعاً وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فاليتم وإن كان فاجعة فى حياة أى طفل يعانى منه إلا أنه ربما كان حافزا ودافعا للنهوض، وكم من الشخصيات التى عانت من معاناة اليتم فى صغرها واستطاعت بعد ذلك أن تكون ذات تأثير كبير فى مجريات التاريخ والأحداث وأول وأعظم هذه الشخصيات سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وإذا نظرنا نظرة عامة على التاريخ لوجدنا العديد والعديد من الشخصيات التى رغم معانتهم من فقدان الأب إلا أنهم نهضوا من خلال آلامهم ليحققوا إنجازات ليس لهم فقط بل للعالم أجمع، ومنهم العالم الكبير السير إسحاق نيوتن وهو من أبرز العلماء مساهمة فى الفيزياء والرياضيات عبرالعصور وأحد رموز الثورة العلمية، ولد بعد وفاة والده بثلاثة أشهر وأثرى العلم بنظرياته وإسهاماته العلمية التى لم تنضب ولا يزال نيوتن له تأثيره على العلماء إلى اليوم ومن العلماء ننتقل إلى الشعراء وشاعرنا العظيم حافظ إبراهيم شاعر النيل الذى ولد على ضفاف النيل فى محافظة أسيوط وذاق فاجعة فقد الأب وهو فى الثالثة من عمره ليتلقى أول صدمة فى حياته وأتت به أمه قبل وفاتها إلى القاهرة حيث نشأ بها يتيما تحت كفالة خاله الذى كان ضيق الرزق، وانتقل خاله بعد ذلك إلى مدينة طنطا.. اتخذ حافظ من العلم طريقاً له واستهواه الشعر منذ طفولته الأولى وكان حافظ رقيق المشاعر عطوفًا منذ صغره وبسبب طباعه العاطفية فشل فى المحاماة.. كان «حافظ إبراهيم» يعد أيقونة الشعر فى عصره، فقد تميز بقوة الذاكرة وغزارة الإنتاج وكان أسلوبه بسيطا يسهل فهمه على جميع الطبقات.
وحافظ كما يقول عنه خليل مطران «أشبه بالوعاء يتلقى الوحى من شعور الأمة وأحاسيسها ومؤثراتها فى نفسه، فيمتزج ذلك كله بشعوره وإحساسه، فيأتى منه القول المؤثر المتدفق بالشعور الذى يحس كل مواطن أنه صدى لما فى نفسه». ويقول عنه أيضاً «حافظ المحفوظ من أفصح أساليب العرب ينسج على منوالها ويتذوق نفائس مفرداتها وإعلاق حلالها». وأيضاً «يقع إليه ديوان فيتصفحه كله وحينما يظفر بجيده يستظهره، وكانت محفوظاته تعد بالألوف وكانت لا تزال ماثلة فى ذهنه على كبر السن وطول العهد، بحيث لا يمترى إنسان فى أن هذا الرجل كان من أعاجيب الزمان» ومن أبرز الشخصيات التى كافحت فى حياتها رغم ظروف فقد الأم والأب الفنان الراحل عبدالحليم حافظ الذى توفيت والدته بعد ولادته بأيام وقبل أن يتم عبدالحليم عامه الأول توفى والده ليكافح فى حياته ويصل إلى ما وصل إليه من نجاح ونجومية، والأمثلة على النجاح كثيرة وفى كل المجالات باختلاف أنواعها، فنحن كبشر مهما اختلفنا فى الجنسيات أو الطباع المشاعر الإنسانية التى نتأثر بها واحدة ولكن قدرتنا على التعامل مع هذه المشاعر تختلف من شخص لآخر فهناك من يتخذ من ظروفه الصعبة ومن آلامه وقودا له لينجح فى حياته بل ويساعد من هم الآن فى نفس موقفه وهو صغير فأغلب من عانى من آلام اليُتم كان يساعد ويتكفل الأطفال اليتامى لأنه أكثر من يشعر بهم وبظروفهم واحتياجاتهم وحاجتهم لمشاعر الدفء والحنان ممن حولهم.. فاجعلوا العام كله لليتيم فهو يستحق أكثر من ذلك بكثير.