الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
ولم يقف حوارى مع صديق العمر عند حد المشكلات أو العلاقات الإنسانية بل تطرق إلى الحياة الاجتماعية، كانت أمنيته أن يكون جدا وأن أتزوج مبكرا.. وكانت مشكلتى أن أجد زوجة فى أخلاق وقيم أمى، ولن أنسى أن أبى كان له دور فى تعريفى بشريكة حياتى.. فوالدها كان صديقا لأبى وزميلا له، وبالفعل أيام وتمت الخطوبة وأشهر قليلة وتم الزواج.. وتمخض هذا الزواج عن أول حفيدة لأبى: ياسمين. ولن أنسى الدموع وهى تذرف من عينيه وهو يحتضن ياسمين ويقبلها ويحملها وهو لا يكاد يصدق نفسه.. وما هى إلا لحظات حتى قال لى تفتكر حعيش لحد ما أحضر فرحها.. ابتسمت وقلت له ربنا يديك الصحة وطولة العمر.. ومرت أشهر قليلة ورزقنى الله بطفل جميل.. كنت أتمنى أن أسميه شريف على اسم المرحوم أخى.. فاتصلت بأبى وقلت له بابا أنا جبت ولد.. تحب نسميه ممدوح ولا شريف فرد بسرعة فائقة (شريف طبعا).. وكان لقاؤه بشريف الصغير يفوق كل التوقعات والتصورات.. آمنت وأجزمت بأن شريف أخى مازال يحيا فى قلب أبى.. وأصبح شريف الحفيد بديلا لشريف الابن.. لم يكن يمر يوم دون أن يرى شريف ويشترى له لعبا، والأغرب أنه أطلق عليه لقب (بيشو) وهو نفس اسم الدلع الذى كان ينادى أبى أخى الراحل شريف.. كان ياسمين وشريف نقطة تحول حقيقية فى حياة أبى وأمى.. من يمسك تليفونه المحمول يجد صورا لهما معه.. اشترى كاميرا وكان طوال الوقت يلتقط لهما اللقطات.. وأنا لا أنسى يوم شم النسيم منذ عامين أخذ أبى يلتقط لشريف وياسمين وطبعا كان معهما الحفيد الثالث محمد.. كان أبى يلتقط لهم لقطات، كان يلعب معهم ويخرج معهم.. وكل يوم يكلمنى أنا جبت هدية لشريف أو ياسمين.. ومرت السنوات والسؤال الذى سأله لى أبى يوم ولادة ياسمين عام 1996 لم يتغير.. (يا ترى حييجى اليوم اللى أحضر فيه فرحك) وكان الرد يأتيه من ياسمين.. طبعا يا جدو.. وكان آخر مرة يسأل ياسمين هذا السؤال قبل وفاته بأيام قليلة ولكنه فى هذه المرة تحديدا.. أجاب بنفسه ما أظنش، والأغرب أنه يوم وفاته كنت عنده فى المنزل يوم 31 ديسمبر 2013 وفى تمام الساعة التاسعة مساء قال لى أمام أمى (أنا بكرة الصبح حانزل بدرى علشان أجيب هدية لياسمين وشريف ومحمد)، وأنا أرد عليه مش لازم بكرة يا بابا.. وهو يرد علىّ (لا.. بكرة أرجوك أنا حر مع أحفادى). وقبلها بيومين وجدت شريف يقول لى بابا هو جدو ماله.. فرددت عليه ماله يا شريف، فرد قائلا بيكلمنى كل شوية وأنا فى المدرسة ولما أرجع البيت ويطمن عليه ويقولى مش عاوز حاجة.. بابا فى حاجة غريبة فى جدو اليومين دول.. كنت أشعر ما يقوله شريف.. فالإنسان عندما يقترب من النهاية يشعر، هكذا يقول بعض الفقهاء، فيكلم من يحبهم ويحس أنه سيفتقدهم ويسأل عليهم كما لو أنه يودعهم.. وللحديث بقيه مع صديق العمر.