الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
كان صديق العمر فى عز مرضه يرفض أن يجلس على كرسى متحرك.. وحتى عندما دخل إلى المستشفى فى عام 2008 وقبل أن يتوقف قلبه لحظات ثم يعود للعمل مرة أخرى، كان يرفض الجلوس على الكرسى المتحرك.. وكان دائما يدعو الله أن يتوفاه قبل أن يجلس على كرسى متحرك ويكون قعيدا معتمدا على غيره فى قضاء حاجته.. كان له أقوال يقولها لى فى لحظات كثيرة، أولها كان يقول لى (ربنا يجعل يومى قبل يومك) وساعات كان يغير فيها فيقول (تشوفوا يومى ولا أشوف يومك).. كانت وفاة أخى شريف بالنسبة له أكبر جرح فى حياته.. لذلك كان يتعامل معى رغم كبر سنى وأنى تجاوزت الأربعين من عمرى على أنى طفل صغير.. ولن أنسى (عمرو، متسافرش بالليل سايق).. (عمرو..امشى على مهلك وانت راجع).. (عمرو إنت فين).. وبنفس الحس والاهتمام بدأ يفعل ذلك مع شريف ابنى.. شريف إنت فين.. فيرد عليه شريف أنا فى المدرسة يا جدو.. وساعات يكلم ياسمين أخبارك إيه.. ياسمين عايزة أجيبلك هدية.. أجيبلك إيه؟ فترد عليه ميرسى يا جدو. لم يكن صديق العمر أبا.. بل كان صديقا وحبيبا.. وبالطبع فقد غاب هذا الشعور ولن أستطيع أن أخفى أننى فى لحظات كثيرة أمسك بتليفونى وأتصل برقم والدى ولا أفيق إلا بعد لحظات عندما أجد الخط مغلقا فأدرك أنه لن يرد. ومع ذلك كما قلت كان يرفض أن يجلس على كرسى متحرك.. لكن فى آخر عمره فى رمضان الماضى (حيث اعتدنا على أداء رمضان من كل عام فى الأراضى الحجازية) سافرنا لزيارة الرسول عليه الصلاة والسلام طلب منى كرسى متحرك، وقال لى أنا عايز أزور النبى كل يوم طول فترة وجودى فى المدينة.. وبالفعل كنت أحضر كرسى متحرك وآخده أنا وأولادى ليلا لنصحبه لزيارة الرسول (ص)، وكان سعيدا للغاية وأدخل به إلى الروضة ليصلى، ولما سألته لماذا هذه المرة وافقت على أن تجلس على الكرسى المتحرك رد (النهاية يا عمرو دى آخر مرة أزور فيها النبى علشان كده عايز أشبع منه). والمرة الثانية التى وافق فيها على أن يجلس على كرسى متحرك عندما سافرنا إلى المانيا فى شهر نوفمبر الماضى علشان يمشى فى السوق ويشاهد المحلات.. وهو ينظر لى ويقول لى أنا تعبتك.. فأرد عليه واقوله أنا اللى تعبتك.. اقرأوا الفاتحة لآبائكم وأبى، واذكروهم وادعوا لهم ولا تنسوهم بالزيارة.. ولى مع صديق العمر وقفات أخرى إن شاء الله.