الضمير ليس مصطلحاً شرعياً، إنه مصطلح نفسى قد يكون مستحدثاً، وهو الذى يؤدّى إلى الشعور بالندم عندما تتعارض الأشياء التى يفعلها الفرد مع قيمه الأخلاقية، وإلى الشعور بالاستقامة أو النزاهة عندما تتفق الأفعال مع القيم الأخلاقية.. فالضمير مرتبط بالنفس، والنفوس سبعة: أول نفس هى النفس الطبيعية الموجودة عند أغلب الناس وهى النفس الأمارة بالسوء، قال تعالى «وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِى إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّى»، فالنفس الأمارة بالسوء هى عموم الأمر التى تصد الشر بالشر وتحب أن تنتصر لنفسها، فلا تترك الأمر إلى الله.. فمسألة الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين هى آيات تقرأ، لكن مسألة تطبيقها ضد هوى النفس.. فالضمير هو الشىء المستكن داخل الإنسان، والنفس الأمارة بالسوء عندما تبدأ فى الاستحياء من رب العباد تصبح نفساً لوامة، فيبدأ تأنيب الضمير، ويكون أول مرة استغفارها استغفاراً صادقاً، ويحاول الشيطان أن يؤثر عليها مرة أخرى، ويكون تأنيب الضمير أقل فى المرة الثانية.. وهكذا. والنفس الملهمة وهى النفس التى تميل إلى الخير.. ولكن عندما يصل تأنيب الضمير إلى أن يشعر الإنسان بحلاوة الطاعة ومرارة المعصية تصبح النفس مطمئنة.. والنفس المطمئنة لو ثبتت على الاستقامة تترقى إلى أن تصل إلى النفس الراضية، وهى النفس التى تستوى عندها النعمة والبلية.. فإذا ثبت الإنسان على النفس الراضية التى ترى أن النعمة والبلية من عند الله ترقى إلى النفس المَرضِية، وهى النفس التى ينير لها رب العباد الطريق حتى يغلق أمامها أبواب المعاصى ويفتح لها أبواب الطاعات.. والنفس الكاملة وهى نفس رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب بستان الأخلاق.. فهذا الضمير أو هذه النفس خالقها هو ربها، قال تعالى «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ» فلابد أن نذكر أنفسنا دائماً بنعم الله علينا وفضله وكرمه، فالله كريم وحليم وغفور ورحيم، وكل الأبواب تقفل ماعدا باب التوبة، وفى رحلتنا داخل أنفسنا لنتذكر دائماً أنه لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة إن قابلك عدله ولا كبيرة إن واجهك فضله، ونسأل الله عز وجل أن يهدينا ويوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه