الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
إن ما يدور فى عالمنا من فتن يعود بالذاكرة إلى فترة ما بعد مقتل سيدنا عثمان بن عفان، رضى الله عنه، وكان قد حكم الدولة الإسلامية اثنى عشر عاماً، حيث حدثت مشكلة كبيرة جداً عندما تولى سيدنا على بن أبى طالب خلافة الدولة الإسلامية، حيث رفض سيدنا معاوية بن أبى سفيان، وكان والياً على بلاد الشام، مبايعة سيدنا على بن أبى طالب على الخلافة، وجهز جيشا كبيرا للقاء سيدنا على فى معركة صفين، وكان الطرفان من الصحابة المؤمنين، ولكن ما حدث بينهما كان اختلافا سياسيا، فحدثت بينهما حرب، وكان بجيش سيدنا على أبن أبى طالب سيدنا عمار بن ياسر ـ وكان النبى صلى الله عليه وسلم، وهو يبنى المسجد النبوى، كان يحمل حجرا وكل واحد من الصحابة رضوان الله عليهم يحمل حجرا، وكان سيدنا عمار يحمل حجرين، وكان يجعل منهما حجراً عن نفسه والآخر عن النبى صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للناس أجر ولك أجران، وآخر زادك شربة من لبن، وتقتلك الفئة الباغية»، أى أن النبى يوضح له أنه سيموت شهيدا، وأن من سيقتله هم الفئة الظالمة، وتتكرر النبوءة مرة أخرى حين يسقط جدار كان يعمل تحته فظن بعض إخوانه أنه قد مات، فيذهب ينعاه إلى الرسول، لكن الرسول، صلى الله عليه وسلم، يقول فى طمأنينة وثقة: «ما مات عمار، تقتل عماراً الفئةُ الباغيةُ»، وعندما تم قتل سيدنا عمار بن ياسر فى معركة صفين على يد جيش معاوية علم الصحابة أن الفئة الباغية هى جيش معاوية، وأنهم الطرف المخطئ، فخرج ناس كثيرون من جيش معاوية، وعندما أوشك جيش معاوية على الانهزام أمام جيش على أمر عمرو بن العاص أحد قادة جيش معاوية برفع المصاحف على أسنة الرماح درءًا للهزيمة المحققة، ثم طلبوا التحاكم لكتاب الله، فوافق على بن أبى طالب على وقف القتال احتراما للقرآن الكريم، ولرغبته فى حقن الدماء، وذلك رغم انتصار جيشه، وبعد توقف القتال والتفاهم على أن يمثل أبوموسى الأشعرى على بن أبى طالب، ويمثل عمرو بن العاص معاوية بن أبى سفيان، وحددوا موعداً للتحكيم، وفى طريق عودتهم إلى العراق خرج اثنا عشر ألف رجل من جيش على يرفضون فكرة التحكيم بينه وبين معاوية بن أبى سفيان فى النزاع. لقد رأوا أن كتاب الله قد «حكم» فى أمر هؤلاء «البغاة» (يقصدون معاوية وأنصاره)، ومن ثم فلا يجوز تحكيم الرجال فيما «حكم» فيه «الله» صاحوا قائلين: «لا حكم إلا لله». ومن هنا أطلق عليهم «المُحَكِّمة» ما كان من علىّ إلا أن علق على عبارتهم تلك قائلا: «إنها كلمة حق يُراد بها باطل».