الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
كتبت فى هذا المكان فى شهر يوليو الماضى عن الإمام الشافعى، وطالبت بأن ينتج مسلسل عنه، وسعدت كثيرًا بقرار الشركة المتحدة بقيامها بإنتاج المسلسل بطولة النجم خالد النبوى.. والإمام العظيم الجليل الشافعى كان له بصمة ليست فقط فى تاريخ الدين والفقه والشريعة ولكن أيضًا فى تاريخ الحركة الإنسانية.
نشأ الإمام الشافعى فى أسرة فقيرة، إثر موت أبيه فى صغره، فانتقلت أمه به من غزة إلى مكة حفاظًا على نسبه الشريف، وليُربَّى بين أهله وقومه. وأرادت أمه له أن يكون قويم اللسان فآثرت إرساله إلى البادية ليتعلم اللغة العربية والفصاحة، فلازم قبيلة هذيل فى حلهم وارتحالهم، حتى حفظ أشعارهم، وحسنت لغته حتى أصبح حُجة فى اللغة. لما عاد الإمام الشافعى من البادية عكف على تعلم الفقه، وأُذن له بالإفتاء وهو دون سن العشرين، وحفظ موطأ الإمام مالك، وانتقل إلى المدينة وعرضه عليه، ولازمه إلى أن تُوفى. بعد وفاة الإمام مالك خرج الشافعى مع أحد الولاة ليعمل واليًا فى نجران، وكان عادلًا لا يحابى أحدًا، ولما كان بنجران كان فيها والٍ ظالم وكان الشافعى ينهاه عن ظلمه، فما كان من هذا الوالى إلا أن وشى بالشافعى ليُقتل فأرسل للخليفة أن الشافعى يجهز لثورة مع العلوية عليه، فلما وصل الشافعى للخليفة (هارون الرشيد) فى بغداد كان فى مجلسه محمد بن الحسن الشيبانى، فسأله عن الشافعى، فأخبر محمد بن الحسن عن الشافعى أنه كثير العلم، وأنه ليس من شأنه ما اتُّهم به، فأطلقه. وإثر هذه الحادثة ترك الشافعى القضاء وعكف على العلم وكان من أفقه الناس فى كتاب الله والسنة النبوية، وقد قال أحمد بن حنبل عنه: «كان الفقه قفلًا على أهله، حتى فتحه الله بالشافعى»، وكان فيلسوفًا فى اللغة والمعانى والفقه، وقد تعلّم اللغة العربية والشرع وبرع فيهما وتقدم، ثم درس الفقه وأحبّه، إلى أن ساد أهل زمانه فيه.. أسس الإمام الشافعى مذهبًا خاصًّا به هو المذهب الشافعى، وقد ألّف الإمام الشافعى العديد من الكتب والمصنّفات، كما أنه أوّل من دوّن علم أصول الفقه.
وقد شغل الشافعىّ الناسَ بعلمه وعقله وخرج عليهم بفقه جديد يتجه إلى الكليات بدلًا من الجزئيات، والأصول بدلًا من الفروع.
كان الشافعى متواضعًا مع كثرة علمه، فمن أقواله: «ما ناظرت أحدًا فأحببت أن يُخطئ، وما فى قلبى من علم إلا وددت أنه عند كل أحد ولا يُنسب إلىَّ».
ومن أقواله: «وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى ذَرعًا وَعِندَ اللَّهِ مِنها المَخرَج.. ضاقَت فَلَمّا استَحكَمَت حَلقاتُها فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ».
«حَسبى بِعِلمى إِن نَفَع.. ما الذُلُّ إِلّا فى الطَمَع.. مَن راقَبَ اللَهَ رَجَع.. ما طارَ طَيرٌ وَارتَفَع إِلا كَما طارَ وَقَع».