الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
إن العفو والتسامح طريق إلى الجنة، حيث إن الإسلام دين الأخلاق الحميدة، دعا إليها، وحرص على تربية نفوس المسلمين عليها، وجعل الله سبحانه وتعالى الأخلاق الفاضلة سببًا للوصول إلى درجات الجنة العالية.. فالعفو هو التفضل على المخطئ والمسىء بالمسامحة والتجاوز، وعدم معاقبته أو معاملته بالمثل.. والعَفُو من صيغ المبالغة، وهو التجاوز عن الذنب وترك العقاب، وهى صفة من صفات الله تعالى، وسمة من سمات منهجه سبحانه. وليعلم المسلم أنه بعفوه سوف يكتسب العزة من الله، وسوف يحترمه الجميع، ويعود إليه المسىء معتذرًا.. يقول تعالى: «ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم».. إن الرحمة فى قلب العبد تجعله يعفو عمَّن أساء إليه أو ظلمه، ولا يوقع به العقوبة عند القدرة عليه، وإذا فعل العبد ذلك كان أهلاً لعفو الله عنه.. وإذا كان الإسلام قد قرر حق المظلوم فى معاقبة الظالم على السيئة بمثلها وفق مقتضى العدل، فإن العفو والمغفرة من غير تشجيع على الظلم والتمادى فيه أكرم وأرحم.. فالقصاص ـ من الناحية القانونية ـ رادع للإنسان عن ارتكاب الجرائم، ولكنّ «العفو» من الناحية الإنسانية، ومن ناحية تكامل حياة الإنسان يكون هو الرادع، وقد يرتدع الإنسان بالعفو أكثر ممّا يرتدع بالقصاص، فإذا تعرّض لك شخص بالأذى فعفوت عنه، فعفوك هذا قد يكون وسيلة لتأديبه.. إن العفو هو خلق الأقوياء الذين إذا قدروا وأمكنهم الله ممن أساء إليهم عفوا.. وإن الأقوال والأفعال هى عبارة عن ترجمة لهذه الأخلاق، فالإنسان صاحب الخلق إنما يتصرف فى إطار هذه الأخلاق التى يحملها والتى تعلمها وتربى عليها، فإذا تعامل مع الناس فى بيع وشراء ومعاملات أخرى كالزواج إنما يتعامل فى إطار الأخلاق التى تعلّمها، فهى تربطه به ارتباطا كلياً وضمنياً، فإذا نظرنا إلى خلق مثل خلق العفو كيف كان سبباً فى دخول كم هائل فى دين الإسلام. إننا فى هذه الأيام نعيش فى أزمة أخلاقية، لا ينكرها أى إنسان فى جميع الأقطار، فكل ما نحن فيه من بلاء وكل الأزمات التى نعيشها، كل ذلك بسبب الأزمة الأخلاقية، فنحن فى حاجة لأن نرجع إلى أخلاقنا مرة أخرى وأن نتأسى بالنبى، صلى الله عليه وسلم، فى أخلاقه وفى أفعاله، ونقول فى هذا المقام: على كل المسلمين أن يغيروا من الأخلاق الذميمة ويلتزموا بمسألة الأخلاق والسلوكيات الحسنة، لأنها هى المخرج مما نحن فيه من الأزمات التى نعيشها.