سيدنا عمر بن الخطاب هو الرمز الأكبر لتحقيق العدالة الاجتماعية فى تاريخنا، عمر هو الرمز الأكبر لتحقيق الحريات، تتعجب كيف كان لديه القدرة على التعايش مع من يخالفه الرأى أو العقيدة، تشعر كيف نحن نحتاج فى مصر بل فى الدنيا كلها لهذه التجربة العُمَرية.. عمر كان لديه القدرة على بناء وطن بل أمة تصنع جيلاً يسمونه «جيل التمكين»، نحن فى حياتنا نعانى من مشاكل الفهم؛ كيف أفهم دينى وأفهم دورى فى الدنيا.. عمر استطاع أن يحقق فهماً عاماً وحالة مجتمعية.. كيف يكون لديك نجاح فى الدنيا وجعل المجتمع منغمساً لآخره فى الدنيا ولكن عنده نظرة للآخرة لرجاء النجاة يوم القيامة.. كيف استطاع أن يحقق الاتزان فى حين أنك تنظر للصحابة والتابعين فى عهد عمر تجد أناساً يعملون فى مطحنة الحياة تشعر أنهم لا يعبدون الله وفى نفس الوقت تدخل بيت الله تشعر أن هؤلاء الناس لا يعملون.. هذا الاتزان صنع تمكيناً فى بناء النهضة جعل سيدنا عمر يتصدر المشهد التاريخى.. سيدنا عمر بن الخطاب قاد أصعب مرحلة انتقالية حالياً فى مصر، مرحلة انتقالية فيها ارتباك كثير بين طوائف المجتمع.. سيدنا عمر بن الخطاب تسلم تركة صعبة جداً فبعد وفاة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ارتد عشرات الآلاف من المسلمين من القبائل حديثى الإسلام الذين لم يفهموا فكرة وفاة سيدنا محمد كرسول «إنك ميت وإنهم ميتون»، كما أنه تسلم جيشاً أنهك فى حروب الردة، كان يوجد أحد عشر جيشاً مات فيها ستمائة شهيد من كبار حفظة القرآن والصحابة، لذلك كانت مرحلة انتقالية بها هزة للأمة الإسلامية، ومطلوب بها النهضة والتماسك والتجمع على مشروع وطنى، مشروع أمة «مش وطن فقط» مشروع نتفق فيه ماذا سنفعل فى الفترة القادمة لبداية جيل التمكين.. كيف تولى عمر بن الخطاب الخلافة؟ سيدنا أبوبكر الصديق كانت خلافته سنتين وأربعة أشهر، فبعد انتهاء خلافته وانتهاء حرب الردة عمل ما يشبه الاستفتاء، استفتاء عاماً، على الصحابة، فسأل عبدالرحمن بن عوف ما رأيك فى عمر؟ فقال: إنى أعلم أن سرَّه أفضل من علانيته.. ثم سأل عثمان بن عفان، فقال: إنه أفضل مما تظن، وإن سرَّه خير من علانيته، وحصل استفتاء شعبى عام، وكان الاتفاق على شخصية عمر بن الخطاب، لكن كان يوجد تخوف بسيط من شدة عمر بن الخطاب، وهذه الشدة كانت شدة فى غير عنف، فتمت تولية عمر بن الخطاب، وكان خطاب سيدنا أبوبكر الصديق لعمر: «اعْلَمْ يَا عُمَرُ أنَّ لِلَّهَ حَقَّاً بِاللَّيْلِ لا يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ، وَأَنَّ لِلَّهِ حَقَّاً فِى النَّهَارِ لا يَقْبَلُهُ فِى اللَّيْلِ، وَاللَّهُ لا يَقْبَلُ نَافِلَةً حَتَّى تُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ، وَإِنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ فِى الدُّنْيَا وَثِقَلِهِ عَلَيْهِمْ».. ونستكمل الحديث الأسبوع القادم بإذن الله.