ورحل المناضل السياسى الكبير خالد محيى الدين، آخر الضباط الأحرار، الرجل الذى سيظل التاريخ شاهداً له على تمسكه بمبادئه ومواقفه وإيمانه بقضيته، ولقد كانت مواقفه بعد ثورة يوليو 1952 خير شاهد على ذلك، وطوال حياته كانت مواقفه وآراؤه ووقوفه الدائم مع الطبقات الكادحة مثالا يضرب فى الوطنية والنزاهة، ولكم كنت محظوظاً كإعلامى وكصحفى لإجرائى معه حوارات تليفزيونية دامت أكثر من 30 ساعة، تحدث فيها عن تاريخ ثورة يوليو ونشأتها والأسباب التى كانت وراءها والعلاقات بين الضباط الأحرار بعضهم البعض، وذلك من خلال برنامجى اختراق.
وبدأ الأستاذ خالد محيى الدين حديثه عن الضباط الأحرار، وقال إن تنظيم الضباط الأحرار هو أصلا تنظيم سابق، أغلب الموجودين فيه كانوا مع بعض فى تنظيم سابق فى الأربعينيات (44 و45 و46 و47 و48) وكانوا على صلة بجماعة الإخوان وجاءت حرب 48 ففككت هذا التنظيم، وعندما وقعت الحرب والهزيمة وحدثت قصة إبراهيم عبدالهادى وجمال عبدالناصر جاء التفكير أننا نعيد تشكيل الحركة الخاصة بنا، واسم الضباط الأحرار لم يطلع من زمان وإنما طلع أخيراً عندما تكون التنظيم الجديد بعد حرب فلسطين، فأحببنا أن نكتب اسما على المنشور الأول لنا فسميناه الضباط الأحرار، وطبعا الضباط الأحرار كان الناس فيه يعرفون بعضهم من زمان، فالسرية فى القيادة كانت متخذة..
رغم الزيادة العددية الملحوظة والسريعة فى تنظيم الضباط الأحرار، إلا أن أجهزة الأمن لم تكن تعتقل أى ضابط من الضباط، ربما لأن قبضة أجهزة الأمن لم تكن بالقوة التى كانت تمكنها من النفاذ داخلهم، وربما لعدم قدرتها على الحصول على أسرار هذا التنظيم الجديد، رغم علمها بوجوده، وعندما بدأ ضباط الجيش يتساءلون عن البرنامج الذى يربطهم بالتنظيم، أصدر الضباط الأحرار أهدافاً ستة فى منشور وافق عليه جمال عبدالناصر، بعد أن أعده أحمد فؤاد وخالد محيى الدين.. وعلق على ذلك الأستاذ خالد محيى الدين بقوله إن ضباط الجيش لهم نوع من القدسية فى المجتمع، الضباط عموما، وهذا يرجع إلى تاريخ الحركة الوطنية المصرية، الضباط كانوا يلعبون فيها دوراً مهماً، فالضباط استغلوا هذا العمل بأنهم أخذوا حماية لنفسهم بعدم حمل أى حاجات ظاهرة، يعنى ورق يتم توزيعه علناً أو يجلسون فى مكان يخطبون علنا، فهذه كلها كانت أشياء سرية، فإيه اللى يخلى البوليس يدخل إلى معترك الحياة الخاصة للضباط هذا أولاً..
ثانياً لم يكن هناك حماس من الأجهزة بأنها تموت من أجل جلالة الملك، فلم نرَ فى حياتنا العامة ناس مستعدة تموت من أجل جلالة الملك، ومن هنا لم يكن هناك حماس أن الناس تجرى ورانا أو تفتش علينا.. ما هى الأهداف التى تبلورت فى تلك المنشورات وعبرت عن فكر التنظيم؟..
الديمقراطية السليمة، الحياد، التحرر الوطنى، ترقية الضباط.. بمعنى برنامج وطنى عام فيه عدالة اجتماعية بحيث تلم أوسع ناس من اليمين إلى اليسار..
وهل نجحت أنها تضم كل ذلك؟.. نجحت، فهى ناس قعدت مع بعضها ولم تترك بعضها، يعنى ترسخت واستمرت وترجمت إلى الأهداف الستة فالأهداف الستة لم تكن مكتوبة أهداف ستة، بل كتبت من مسيرة الثورة وبرنامج الضباط الأحرار الأولانى والإجراءات التى قامت بها الثورة أنها تشيل الملك وقانون الإصلاح الزراعى ومجلس تنمية الإنتاج القومى، كل هذا على بعضه صنع مسيرة، والمسيرة كتبت فى ستة مبادئ.
وللحديث بقية.