الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
هذا الشهر ذكرى وفاة فنان من أقرب الشخصيات إلى قلبى، عرفته على مدار سنوات طويلة منذ طفولتى وشبابه وحتى وفاته، هو الفنان الكبير أحمد زكى، تعرفت على الفنان الراحل أحمد زكى فى مطلع السبعينيات، حيث كنت طفلاً صغيراً، وكان هو صديقاً لوالدى رحمه الله، اعتاد أحمد على زيارتنا فى منزلنا فى وسط البلد، وكان أول يوم فى رمضان دائم الإفطار عندنا فى منزلنا العامر، أذكر أن أول قطار جاء للمرحوم أخى الصغير شريف كان من أحمد زكى أيضاً، كان قطارا ضخما رغم أن إمكانيات أحمد المادية لم تكن تسمح له بذلك، لكن لتعلقه وحبه بأخى شريف أراد أن يهديه فى عيد ميلاده بأجمل هدية أحبها شريف، (وبالمناسبة.. أول قطار يأتى لابنى شريف كان من أحمد زكى أيضاً)، يبدو للوهلة الأولى أن علاقة أبى، المنتج الكبير والسيناريست المعروف، ممدوح الليثى بأحمد زكى ستبدو للقارئ للوهلة الأولى أنها علاقة صداقة عادية، لكنها كانت أقوى من ذلك بكثير، واتركونى أقول إنها العلاقة التى تنطبق عليها كلمة لا محبة إلا بعد عداوة، والغريب أن العداوة هنا لم تكن مقصودة من أبى أو من أحمد رحمهما الله، فبدأت الحكاية عندما قرر أبى فى عام 1975 أن ينتج فيلماً سياسياً مهماً، وهو السيناريست الذى أفنى حياته فى سبيل تقديم موضوعات سياسية تمس المواطن المصرى، ودفع ثمن ذلك غالياً، حيث إن أغلب أعماله التى كتبها منعتها الرقابة، أمثال ميرامار وثرثرة فوق النيل والمذنبون، الفيلم الذى حوكم بسببه 17 من كبار قيادات الرقابة فى مصر ومُنع عرضه، ثم الكرنك، أُعجب أبى برواية الأستاذ نجيب محفوظ الكرنك، وفكر فى إنتاجها كفيلم سينمائى، وفكر والدى فى أن يقوم بدور البطولة وجه جديد وهو دور إسماعيل الشيخ، الطالب فى كلية الطب، الذى لا يعمل بالسياسة ويحب جارته زينب دياب.. ثم يفاجأ بأنه مقبوض عليه من قبل مراكز القوى، مرة تحت زعم انتمائه للشيوعيين، ومرة أخرى تحت زعم انتمائه للإخوان المسلمين، كما تتعرض زميلته وحبيبته زينب دياب هى الأخرى إلى اتهامها بانتمائها لمنظمات سياسية ضد النظام، ويضطر إسماعيل فى نهاية المطاف، وبعد أن يتم اغتصاب زينب أمام عينيه فى المعتقل، أن يعترف بما لم يقم به حتى ينقذ زينب حبيبته..
أرسل المخرج على بدرخان الوجه الجديد أحمد زكى لأبى- وهو شاب أسمر اللون، خريج معهد فنون مسرحية، شاهده المخرج على بدرخان فى حفل التخرج بالمعهد العالى للفنون المسرحية وأعجبه- لكى يقوم بأداء دور إسماعيل الشيخ.. كان ممدوح الليثى ينتج فيلماً لأول مرة، ومن ثم كان يخضع لضغوط الموزع الخارجى، وبلغة السينما كما يقولون فإن التوزيع الخارجى جزء رئيسى من تمويل أى فيلم سينمائى، وبالتالى فإن الموزع يريد دائماً أفضل وأغلى النجوم، حيث يقوم بدفع مبلغ جيد فى شراء الفيلم للخارج، وهذا معروف لكل من هو يعمل فى مجال الإنتاج السينمائى، ولكن ممدوح الليثى آمن بأحمد زكى، وكان يراه نجم المستقبل، وتعاقد معه على أداء دور إسماعيل الشيخ فى فيلم الكرنك.. وجاء الموزعان الخارجى والداخلى ليرفضا أن يقوم بدور البطولة وجه جديد، ورغم محاولات والدى إقناعهما إلا أنهما رفضا، وتم إجراء تحكيم المشكلة بواسطة لجنة يرأسها المنتج الكبير رمسيس نجيب، صانع النجوم، ودعوا الوجهين الجديدين أحمد زكى ومحمد صبحى لإجراء تست «اختبار صوت وصورة»، وقف الاثنان أمام كاميرا محسن نصر يسألان بقلق: «تست ليه، إحنا مش خلاص تعاقدنا وهانمثل الأدوار؟»، وتبادل الليثى النظرات مع المخرج على بدرخان ولم يردا عليهما، شاهدت لجنة الاختبار «التست» وتداولت، ثم دعاهما رمسيس نجيب للمناقشة، والتفت رمسيس نجيب لليثى وهو يشير بأصبعه إلى سعاد حسنى قائلا باستهجان: (سعاد حسنى تحب الولد الأسمر ده).. فماذا حدث بعد ذلك حتى ينفعل أحمد زكى إلى حد الصراخ وتحطيمه كوب الشاى، وما هى حكاية أحمد زكى مع دور المشير عامر، هذا ما سأحكيه لكم الأسبوع المقبل إن شاء الله.