الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
«عندما يُغلق باب السعادة، يُفتح باب آخر، ولكن فى كثير من الأحيان نصر على الوقوف أمام الباب المغلق دون محاولة البحث عن الأبواب الأخرى التى فتحت لنا» هذه إحدى العبارات الشهيرة لهيلين كيلر الفتاة المعجزة التى أثبتت بشكل عملى أنه لايوجد مستحيل طالما هناك إصرار وعزيمة وتحد للإعاقة فعلى الرغم من أنها كانت عمياء وصماء وبكماء إلا أنها خلال رحلة عمرها التى استمرت ثمانية وثمانين عاماً نشرت ثمانية عشر كتاباً، وترجمت كتبها إلى خمسين لغة وسافرت حول العالم وخطبت وحاضرت فى العديد من الجامعات وتكلمت عن حقوق ذوى الاحتياجات الخاصة وتكلمت عن حقوق الأقليات وحقوق المرأة وحاضرت ليس بالإنجليزية وحسب بل أيضا بالألمانية واللاتينية والفرنسية واليونانية، وكانت قصة كفاحها مثالا يضرب فى العزيمة والإصرار والمثابرة والتحدى حيث أصيبت هيلين كيلر بالحمى الشوكية وهى الطفلة ذات العامين والنصف مما تسبب عنه أن أصبحت عمياء صماء بكماء وكانت تتواصل مع العالم الخارجى من خلال ابنة الطباخة فى قصرهم والتى كانت تدعى مارتا واشنطن حيث علمتها لغة الإشارة وعند بلوغها السابعة من عمرها أصبح لديها 60 إشارة تتواصل بها مع عائلتها. وبحث والدها عمن يحاول أن يساعد ابنته فدله البعض على معهد بركينس لفاقدى البصر حيث التقى بـ «آن سوليفان» وهى فى سن العشرين من عمرها. بدأت آن سوليفان رحلتها مع هيلين كرفيقة ومعلمة وموجهة وعمر هيلين سبعة أعوام واستمرت صحبتهما 49 عامًا لا يفترقان. فى أقل من عام قامت آن سوليفان بتعليم هيلين تسعمائة كلمة وبدأت آن سوليفان بالتواصل مع هيلين عن طريق كتابة الحروف فى كفها وتعليمها الإحساس بالأشياء عن طريق الكف. فكان سكب الماء على يدها يدل على الماء وهكذا بدأت التعلم ومعرفة الأشياء الأخرى الموجودة حولها. قامت آن سوليفان بتعليم هيلين الجغرافيا برسم الخرائط على الطمى بالحديقة لتتحسسها هيلين بيديها. وقامت آن سوليفان بتعليم هيلين علم النبات بتجولهما اليومى بحديقة القصر حيث كانت تُشرِّح لها النباتات وتجعلها تلمسها بيديها.
وعندما بلغت هيلين العاشرة من عمرها قامت آن سوليفان بتعليمها طريقة برايل للمكفوفين إلى أن أتقنت القراءة من خلالها باللغة الإنجليزية والألمانية واللاتينية والفرنسية واليونانية.
ثم قامت آن سوليفان باصطحاب هيلين إلى معلمة قديرة تدعى سارة فولر تعمل رئيسة لمعهد هوارس مان للصم فى بوسطن وبدأت المعلمة الجديدة مهمة تعليمها الكلام، بوضعها يديها على فمها أثناء حديثها لتحس بدقة طريقة تأليف الكلمات باللسان والشفتين.
وظلت هيلين فترة طويلة تصدر أصواتًا غريبة يصعب على أحد أن يتفهمها ولكن إصرارها هى ورفيقة دربها آن سوليفان جعلهما يصران على الاستمرار فى الصراع من أجل التحسين وتحقيق الهدف فتحولت الصرخات إلى حروف ومخارج وبتحسينها يومًا بعد يوم تحولت إلى ألفاظ فعبارات. وجاءت مرحلة التحدى الكبير حيث دخلت هيلين كيلر كلية رادكليف لدراسة العلوم العليا فدرست النحو وآداب اللغة الإنجليزية، كما درست اللغة الألمانية والفرنسية واللاتينية واليونانية.
وكانت تجهد عينيها بالقراءة فى كتب الدراسة ثم تجهد نفسها فى نقل ما تقرأه أولا بأول إلى هيلين حتى تخرجت هيلين من الجامعة عام 1904م حاصلة على بكالوريوس العلوم فى سن الرابعة والعشرين. ثم قفزا قفزة هائلة بإنجاز هيلين دراستها العليا وحصولها على شهادة الدكتوراه فى العلوم والدكتوراه فى الفلسفة. وقد زارت هيلين كيلر مصر عام 1952 وقابلها الأديب الكبير طه حسين وسوزان زوجته وابنهما وكانت هيلين كيلر حريصة على لقاء طه حسين لأنه كان مشهورًا ككاتب وأديب فاقد للبصر. وقالت: «إن لقاءها به سيكون أسعد يوم فى حياتها».. إن هيلين كيلر ومعلمتها آن سوليفان أسطورتان، فالصبر والمثابرة والتحدى والتمسك بالأمل كانت عوامل مشتركة بينهما ليتخطيا جدار العجز سوياً ويجتازا رحلة من أعظم الرحلات الإنسانية فى التاريخ.