وما زلنا مع مسلسل «رأفت الهجان»، هذا المسلسل الذى ترك بصمة فى تاريخ الدراما التليفزيونية وبصمة فى المشوار الفنى لأى فنان اشترك فيه، وعلى رأسهم بالطبع الفنان الكبير محمود عبدالعزيز، رحمه الله، هذا الفنان الضاحك المبتسم المتفائل دائمًا المتعدد والمتنوع فى أدواره، والذى حلت ذكراه الرابعة منذ أيام قليلة. وعلى الرغم من مرور هذه السنوات فإنه سيظل الغائب الحاضر دائمًا فى قلوبنا جميعًا.. فى بداية كتابة مسلسل «رأفت الهجان» عُرض دور البطولة على الفنان الكبير محمود عبدالعزيز وكان هو المرشح الأول، وبعد فترة بسيطة فوجئ بخبر منشور بالصحف يفيد بأنه تم إسناد دور رأفت الهجان للفنان الكبير عادل إمام، وبالفعل بدأ الفنان الكبير عادل إمام فى إجراء البروفات، وقد حضرت هذه البروفات بنفسى، لكن حدث خلاف فى وجهات النظر بين الفنان الكبير عادل إمام والكاتب الكبير صالح مرسى حول بداية المسلسل، فكان رأى الأستاذ عادل إمام أنه يجب إلغاء الفلاش باك وعدم بداية المسلسل بوفاة رأفت الهجان؛ لأن ذلك يعتبر حرقًا لأحداث المسلسل منذ البداية، وحاول أن ينقل وجهة نظره للأستاذ صالح مرسى، الذى كان متمسكًا برأيه ورؤيته لبداية المسلسل، ولم يجد الأستاذ عادل إمام مفرًّا سوى الاعتذار عن عدم أداء المسلسل، وعاد مرة أخرى الدور إلى الفنان الكبير محمود عبدالعزيز، الذى أبدع بدون شك فى أداء هذا الدور العظيم، الذى قام ببطولته وهو فى أوج شهرته، وكان المسلسل من إنتاج قطاع الإنتاج بالتليفزيون المصرى، وأذكر أن أجر الأستاذ محمود كان مرتفعًا فى السوق ولكن كانت المفاجأة أنه عندما تعاقد والدى، رحمه الله، ممدوح الليثى، رئيس قطاع الإنتاج، مع الفنان محمود عبدالعزيز على أجره لم يضع أستاذ محمود أى شروط، أو أى أرقام.. وكان أجره قليلًا جدًّا جدًّا وزهيدًا مقارنة بأجره فى السوق فى ذلك الوقت؛ فلم يسأل كم سيأخذ بقدر ما كان كل همه أن يقوم بأداء هذا الدور الوطنى العظيم.. وكان يهتم بأدق تفاصيل العمل حتى إنه ذاب فى الشخصية تمامًا بكل تفاصيلها وكانت هناك حالة سجال وحوار ما بين الأستاذ محمود عبدالعزيز والأستاذ صالح مرسى الذى كان دائمًا يقعد معه، يتكلمان ويتناقشان فى المشاهد وفى بعض الكلمات فيها، والحقيقة أنه كان نوعًا من الحوار الديمقراطى جدًّا حتى يستطيعا أن يصلا إلى شكل تليفزيونى جذاب ومتكامل للعمل، وهو ما وصلا إليه بالفعل فى هذا المسلسل العظيم.