الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
التقيت منذ فترة ببرنامجى «واحد من الناس» بطفل صغير اسمه «مصطفى»، ولكنه لم يكن طفلًا على الرغم من ملامحه وعمره، بل كان رجلًا شجاعًا وشهمًا وبطلًا فى شكل وجسد طفل صغير.. وُلد هذا الطفل فاقدًا لبصره لأسرة بسيطة يكافح فيها الأب ليرسو بمركب الأسرة على شاطئ الأمان بعمله، الذى لم يكن ثابتًا، بل على حد قول زوجته كان «ارزقى»، ولكن لم يدُم الحال طويلًا، فقد فارق الأب الحياة وتوفاه الله وهو يجلس بين أسرته بسكتة قلبية ليترك الأسرة المكونة من الابن الضرير والابنة الصغيرة والزوجة، ولكن هناك أشخاص يكون الإيمان بداخلهم أقوى من ظروفهم، وبالحسابات المنطقية للعقل كنا لنجد أن أضعف شخص فى هذه الحلقة هو الابن الضرير.
ولكنه هو مَن قرر أن يواجه ظروف الحياة القاسية بعد رحيل والده، فاتخذ قراره بالعمل رغم ظروفه، فالطفل، صاحب السنوات العشر، ترك دراسته بالصف الثانى الابتدائى ليعمل بائعًا للحلوى، وعلى الرغم من كل ما يجابهه من ظروف، فإنه تفاجأ بالأسوأ، فقد رفض التجار أن يعطوه بضاعة، ولم يثقوا فيه، ولكن هذا الطفل الصغير المكافح الشجاع لم يكن هذا شيئًا ليقف فى طريقه، بل اعتمد على الله واستطاع أن يشترى بعض البضاعة ويبيع الحلوى فى القطار بدلًا من أن يستمتع بها وهو فى هذه السن الصغيرة ليعيل أسرته ويتحمل المسؤولية بعد وفاة والده ليصبح هو رجل البيت والعائل الوحيد لأمه وأخته، ولم تستطع الأم، التى كانت رافضة لعمل ابنها، أن تُثنيه عما قرره، وعندما سألت مصطفى: «ما كنتش خايف وانت بتبيع فى القطر ولا ترى ما يحيط بك؟»، قال هذا الطفل الشجاع: ده قضاء الله وقدره، ولو ربنا مقدر لى الموت هموت، وكان هذا مفتاح الإجابة، الإيمان العميق بقضاء الله وقدره والتوكل عليه فى الرزق هو ما جعل هذا الطفل الصغير يستطيع أن يقف على قدميه ويواجه ظروفه فى سبيل حلمه أن يعيل أسرته وتستطيع أخته الصغيرة أن تكمل مشوار تعليمها وجعله يصمد فى مشواره على الرغم من استغلال بعض ضعاف النفوس من الناس الذين تسول لهم أنفسهم خديعة طفل صغير ضرير ويعطونه أموالًا أقل من ثمن الحلوى، ولكن الشرف ليس بالسن ولا المكانة.. فهذا الطفل الصغير ضرب مثلًا رائعًا فى الشرف والشجاعة والكفاح