فى عام ١٩٥٨ ارتبط والدى بعلاقة قوية ووطيدة بالكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس واستمرت هذه العلاقة حتى يوم وفاة الأستاذ إحسان عبدالقدوس فى مستشفى مصر
الدولى بالدقى. وقد قام والدى بكتابة السيناريو والحوار التليفزيونى والسينمائى والإعداد المسرحى لأكثر من قصة له، من أهمها: شرف المهنة- إمبراطورية ميم- استقالة عالمة ذرة- لا شىء يهم- أنا لا أكذب ولكنى أتجمل.
بدأت علاقتهما منذ أن كان والدى ضابط شرطة وكان يقوم بتحرير أخبار مجلة روز اليوسف وصباح الخير تحت عنوان «امسك حرامى» وكان الأستاذ إحسان عبدالقدوس يشجعه بشكل كبير على الاستمرار فى العمل الصحفى بجانب عمله كضابط بالبوليس، وفى عام ١٩٦٦ كتب والدى رحمه الله فيلم «تاكسى» وكانت القصة والسيناريو والحوار له، وخاض هذا الفيلم أول مسابقة بمهرجان التلفزيون العربى وفاز بالجائزة الأولى فكتب الراحل إحسان عبدالقدوس مقالًا قال فيه «افصلوا هذا الضابط».
وكان المقال موجهًا إلى الوزير شعراوى جمعة وزير الداخلية وعندما قرأه وزير الداخلية استدعى والدى وكان برتبة نقيب وقرر نقله من مباحث أسيوط إلى إدارة العلاقات العامة والإعلام فى وزارة الداخلية ولكن والدى طلب من وزير الداخلية فى ذلك الوقت أن ينقله للعمل فى التلفزيون المصرى فى قسم السيناريو، ولأول مرة يُنقل ضابط شرطة من وزارة الداخلية إلى التليفزيون المصرى، وبالفعل انتقل والدى وعمل رئيساً لقسم السيناريو ثم مديراً عاماً لافلام التلفزيون.
عشق والدى أدب الأستاذ إحسان عبدالقدوس وقرأ روايته «استقالة عالمة ذرة» فطلب منه أن يقوم بكتابة السيناريو والحوار لها وأن يقوم بإنتاجها، ووافق الأستاذ إحسان عبدالقدوس وقدم والدى فيلم «استقالة عالمة ذرة» بطولة الفنانة الراحلة سهير البابلى والفنان الراحل أبوبكر عزت والفنانة إسعاد يونس وإخراج المخرج الكبير «إبراهيم الشقنقيرى».
وكان يتناول موضوعًا هامًا عن وضع العلماء فى الدولة وأجورهم وكان من نوعية الأفلام التى تجمع بين التراجيدية والكوميديا، من خلال مفارقات تجمع بين العالمة وزوجها يعانيان من عدم قدرتهما على التوفيق بين عملهما وبين رعاية مولودهما نتيجة تواضع الأجور التى يتقاضيانها وارتفاع أجور الدادات والخادمات ودور الحضانة، وقدم هذا الفيلم بشكل رائع وبديع وكانت نهاية الفيلم نهاية درامية تتقدم فيها عالمة الذرة باستقالتها من عملها حتى ترعى شؤون أسرتها وابنها، وحاز والدى فى هذا الفيلم جائزة مهرجان المركز الكاثوليكى فى ذلك العام.
ورواية استقالة عالمة ذرة كما حكى لى والدى هى عن قصة حقيقية بطلتها الحقيقية السيدة العظيمة «روز اليوسف» والدة الكتاب الكبير إحسان عبدالقدوس التى فضلت أن تترك نجاحها ونجوميتها وكل شىء حققته خلف ظهرها لتظل بجانب ولدها الصغير عندما تعرض لحالة تسمم وكانت حياته فى خطر، ولم تدخر الأم وسعًا فى رعاية ابنها حتى شفائه التام، لتعود مرة أخرى إلى نشاطها الفنى على المسرح وتنشئ بعد ذلك مجلة «روز اليوسف».
رحم الله والدى العظيم والكاتب المبدع إحسان عبدالقدوس.