ومازلنا مع الجميلة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، التى جمعت صداقة وطيدة بينها وبين الأستاذ جمال الليثى، وكان لها الكثير من المواقف الإنسانية العظيمة، والتى رواها لى الأستاذ جمال الليثى، ومن هذه المواقف موقفها من الفنانة الكبيرة فردوس محمد التى أصيبت بالمرض الخبيث، وتطلب الأمر سفرها للخارج للعلاج، فاتصلت فاتن حمامة بجمال الليثى لتخبره بأنها تريد أن تقابل وزير الثقافة- وكان وقتها ثروت عكاشة- لتطلب منه أن تتولى الدولة علاج الفنانة الكبيرة فردوس محمد، وبالفعل ذهبا معاً والتقيا بمدير مكتب وزير الثقافة الأستاذ عبدالمنعم الصاوى، وتحمس الوزير واستطاع أن يحصل على قرار بسفرها للخارج للعلاج، وفى صباح اليوم المحدد للسفر أخذ جمال الليثى الفنانة فاتن حمامة فى سيارته وذهبا لبيت فردوس محمد لاصطحابها للمطار، وطلبت منهما أن يعطياها فرصة للمرور على الصيدلية التى تتعامل معها لكى تسدد بعض الديون قبل السفر حتى تبرئ ذمتها، ثم اصطحباها للبنك الأهلى لأنها أرادت أن تؤجر صندوق أمانات لتضع فيه كل أشيائها الغالية وسلمت مفتاح الصندوق لفاتن حمامة لتسلمه لابنتها الوحيدة، والتى كانت متزوجة من المصور السينمائى محسن نصر، وعند وصولهم المطار وجدوا مظاهرة من الفنانين جاءوا لوداع الفنانة الكبيرة فردوس محمد، ولم تتركها فاتن حمامة وجمال الليثى حتى أوصلاها لسلم الطائرة، وكانت عينا الفنانة الكبيرة مغرورقتين بالدموع فحاول جمال الليثى أن يخفف عنها فبدأ يذكرها بصوانى السمك التى كانت تعدها لهم فى الكابينة التى اعتادت أن تقضى الصيف فيها بالإسكندرية وذكرياتهم الجميلة، ولم يتركها تصعد سلم الطائرة إلا وقد ضحكت من كل قلبها.. طفت على سطح الحياة اليومية فى مصر فجأة واحدة من القصص المثيرة وامتلأت الصحف بأخبار قاطع طريق وقاتل سمته الصحف السفاح، وقد حوصر فعلا بواسطة قوات الأمن فى إحدى مغارات جبل المقطم وقتل، إلا أن هذا اللص الذى كان يحمل اسم «محمود سليمان» لم يلبث أن دخل تاريخ الأدب العربى عندما تناول سيرته الكاتب الروائى الكبير نجيب محفوظ برؤية فلسفية اجتماعية فى قصته «اللص والكلاب»، وجاء المخرج الكبير كمال الشيخ للأستاذ جمال الليثى وطلب منه أن يذهب معه إلى الأستاذ نجيب محفوظ لكى يشتريا حقوق تحويل القصة إلى فيلم سينمائى، وحددا بالفعل موعدا وذهبا إلى مكتبه، وكان وقتها الأستاذ نجيب محفوظ يرأس هيئة تابعة لوزارة الثقافة تسمى هيئة «دعم السينما»، وكان يشاركه فى المكتب الكاتب «على أحمد باكثير»، وعندما فاتحه جمال الليثى فى شراء القصة فوجئ بإصراره على الرفض قائلاً إنه لا يمكن أن يعرض نفسه لأن يقال عنه إنه يستغل نفوذه فى هيئة دعم السينما ليبيع قصصه للسينما، إلا أن جمال الليثى أقنعه وقال له: «أستاذ نجيب إن اسمك ككاتب ومكانتك الأدبية كروائى أكبر كثيرا من الهيئة ومن وزارة الثقافة نفسها، ولن يجرؤ كائن من كان أن يتهمك باستغلال النفوذ»، وبالفعل لم يتركا مكتبه إلا وقد اقتنع ووقع العقد، ولقد صنع «اللص والكلاب» للمجموعة التى تعاونت فى تقديمه مسارا جديدا على الساحة السينمائية المصرية ونجح نجاحاً مدوياً ورشحه المركز الكاثوليكى، الذى يتولى ترشيح الأفلام المصرية للمشاركة فى مسابقة الأوسكار لأحسن فيلم ناطق باللغة الأجنبية، ووفق الفيلم للوصول إلى التصفيات النهائية وأصبح واحداً من خمسة أفلام تنافست على الأوسكار، وأرسلت أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية فى أمريكا شهادة بأن الفيلم نافس على الفوز بالأوسكار، وكانت مجلة الكواكب قد دعت إلى حفل تكريم يحضره الفنانون فى دار الهلال لتسليم الشهادة لجمال الليثى، وعندما سألوه عمن يريده ليسلمه الجائزة فاشترط أن يتسلم الشهادة من رمز السينما المصرية فاتن حمامة.