الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
كانت الفنانة الكبيرة ماجدة واحدة ممن أضاءت الشاشة منذ بدء العصر الذهبى للسينما المصرية فى الخمسينيات ولعبت دوراً مهماً بذكاء فطرى فى إثراء السينما بعدد من أقوى وأبرز الأفلام، وإذا كانت الفنانة الكبيرة «فاتن حمامة» قد حملت لقب «سيدة الشاشة العربية» فقد حملت الفنانة الكبيرة ماجدة لقب «عذراء الشاشة» لأنها فضلت أن تعطى سنوات الصبا وزهرة العمر للسينما وتتفرغ نجمة ومنتجة بل وموزعة أيضاً..
مقالات متعلقة
جمعت صداقة وطيدة بين الفنانة الكبيرة ماجدة وبين عمى جمال الليثى كما روى لى، وكانت بداية التعارف فى عام الثورة وكان يعمل من خلال إدارة الشؤون العامة للقوات المسلحة، فبعد شهور من ثورة 23 يوليو 1952 قرروا تنظيم حفلة خيرية تطوف أرجاء مصر لجمع التبرعات للفقراء والمعوزين من أبناء شعبنا، وعُرفت القافلة وقتها باسم «قطار الرحمة»، وشاركت مجموعة كبيرة من الفنانين، بينهم فاتن حمامة وماجدة الصباحى وتحية كاريوكا فى قافلة قطار الرحمة.. وحملن مع غيرهن من عشرات الفنانين صناديق التبرعات لجمع ما يجود به أهل النخوة من شعبنا من أجل الفقراء..
ولم يتوقف الأمر عند ركوب «قطار الرحمة» والتنقل بين مديريات مصر كلها، بل كانت الفنانات فاتن وماجدة وتحية كاريوكا وزميلاتهن يحملن صناديق التبرعات ويطفن على الأماكن العامة التى يتواجد فيها أثرياء مصر وكبار شخصيات المجتمع المصرى ونصح بعضهم الفنانة ماجدة بأن تحمل صندوقها وتذهب إلى شرفة فندق سميراميس المطلة على النيل، حيث يتجمع فى أمسيات الصيف علية القوم من المشاهير والمثقفين والأدباء والسياسيين والشخصيات المرموقة يتجمعون فى شلل صغيرة وكانت الشرفة قد تحولت إلى مقهى صغير مفتوح على النيل فى مبنى سميراميس القديم قبل أن يعاد تجديده وذهبت ماجدة تحمل صندوق التبرعات واقتربت من شلة الأدباء الكبار، حيث يتوسطهم الأستاذ توفيق الحكيم ويحيط به الأستاذ نجيب محفوظ والأستاذ صالح جودت والأستاذ ثروت أباظة، وبالطبع بدأت بالحكيم الذى قال إنه لا يحمل مالاً فى العادة، وكان ثروت أباظة أول المتبرعين وتلاه صالح جودت ونجيب محفوظ الذى قال مداعباً: على فكرة توفيق بك بيخبى الفلوس فى البيريه، وأصرت ماجدة على أن تفتش البيريه ولم يجد توفيق الحكيم بدا من أن يخرج من أحد جيوبه محفظة صغيرة ليخرج خمسة جنيهات فقط ورقة واحدة لكى يضعها بالصندوق ولسان حاله يقول: «منك لله يا نجيب»، وكانت جنيهات الأستاذ توفيق الحكيم الذى اشتهر بالحرص على النقود حديث الوسط الفنى والأدبى، وتعددت الروايات عن ماجدة وكيف استطاعت أن تجعله يتبرع بها..
تميزت الفنانة الكبيرة ماجدة منذ البداية بطموح نادر ووظفت كل ذكائها وتفكيرها فى هدف واحد هو الوصول إلى القمة وألا تكتفى بأن تكون مجرد نجمة أو بطلة سينمائية، بل أرادت أن تصبح واحدة من منتجات السينما كآسيا داغر ومارى كوينى، وكما روى لى الأستاذ جمال الليثى أنها تعلمت فى صباها دروساً كثيرة، إذ كانت تتبناها الفنانة الكبيرة بهيجة حافظ التى كانت بطلة أول رواية مصرية حقيقية تقدمها السينما المصرية وهى «زينب» للدكتور محمد حسنين هيكل، وأعطاها بطولتها شيخ المخرجين محمد كريم، وكانت ماجدة أشبه بالابنة المتبناة لبهيجة حافظ ووعت الدرس جيدا، وبعد عدة بطولات من أفلام صغيرة قررت أن تحول قصة إحسان عبدالقدوس «أين عمرى» إلى فيلم تقوم ببطولته وتنتجه شركة ماجدة ويخرجه الأستاذ أحمد ضياء الدين وبالفعل وبعد هذا الفيلم قفزت ماجدة إلى النجومية وأصبحت تنافس الجالسات على القمة مثل فاتن حمامة وشادية..
فى أوائل الستينيات بدأت تتكشف خطوط الثورة الجزائرية، ثورة المليون شهيد، وأذيعت قصة عذراء الجزائر «جميلة بوحريد» المناضلة فى صفوف الثورة التى عانت أبشع ألوان التعذيب والقهر على أيدى المستعمر الفرنسى وتعاطف معها الشعب العربى من المحيط إلى الخليج، وسارعت ماجدة بذكائها الفطرى فى اقتناص الفرصة، وكلفت الكاتب الكبير يوسف السباعى بإعداد القصة فى سيناريو فيلم أخرجه المخرج الكبير يوسف شاهين، وكان من أبطاله رشدى أباظة وأحمد مظهر ونخبة من النجوم.. وكانت فرصة نادرة لتكتب الفنانة ماجدة سطوراً بارزة فى مسيرتها السينمائية، وكتب لها مكانة على ساحة الوطن العربى بل كان البعض يسميها مجازاً «جميلة الجزائرية».