الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
دار يوماً حديث مطول بينى وبين عمى المنتج الكبير أو كما يُطلق عليه شيخ المنتجين جمال الليثى- رحمه الله- عن بدايته وكواليس ما مر به من حكايات أفلام زمن الفن الجميل خلال رحلته الطويلة فى عالم الفن، وكان الحديث ممتعاً وجذابا..
تخرج عمى جمال الليثى فى الكلية الحربية، وقد كان واحدا من مجموعة الضباط الأحرار فى سلاح المدفعية بعد أن ضمه إليها كمال الدين حسين، وكان واحداً من المجموعة التى خرجت ليلة 23 يوليو 1952 لتعلن ثورة الجيش المصرى، ورشحه الرئيس جمال عبدالناصر للعمل فى إدارة الشؤون العامة للقوات المسلحة، وقال له نصاً «تروح تشتغل مع وجيه أباظة، دا واحد مننا ومخلص ووطنى ومحل ثقتنا جميعاً».. وكانت الإدارة الوليدة التى يقودها الأستاذ وجيه أباظة هى جهاز إعلام الثورة، وكانت تلك الفترة هى البداية الحقيقية لانتمائه للسينما المصرية، فقد أشرف على إنتاج مجموعة من الأفلام القصيرة التسجيلية عن الثورة والجيش،
وتعاون فيها مع أبرز مخرجى السينما المصرية الكبار، مثل محمد كريم وصلاح أبوسيف وكمال الشيخ، وربطته صداقة متينة مع المنتج الكبير رمسيس نجيب.. عندما قرر عمى جمال الليثى أن يترك مكانه فى الجيش ويتفرغ للعمل فى الحياة العامة، كتب استقالته من الجيش وذهب للقاء المشير عامر، وكان هو وصلاح سالم فى «دار الزمان بشارع الصحافة، وكانت تطبع فيها جريدة الجمهورية فى أول عهدها بالصدور»، وكانا فى انتظار النسخ الأولى، وكان المانشيت الكبير على صفحتها الأولى يحمل خبر «إعلان الجمهورية»، ذهب بعدها إلى حديقة الأندلس، حيث كانت الشؤون العامة تقيم حفلاً غنائياً كبيراً للاحتفال بالثورة، كان يقدم فقراته الفنان الكبير يوسف وهبى، وهو الحفل الذى شهد ميلاد الفنان عبدالحليم حافظ، وغنى فيه «صافينى مرة»، و«على قد الشوق»، وعندما التقى الأستاذ وجيه أباظة ومعه الفنان الكبير يوسف وهبى قال لهما إن جريدة الجمهورية تحمل نبأ إعلان الجمهورية، واستأذنه يوسف وهبى أن يزف الخبر السعيد للناس، وهكذا انفرد بإعلان نبأ قيام أول جمهورية مصرية.. بعد أن أنشأ جمال الليثى مع الأستاذ رمسيس نجيب «الشركة العربية للسينما»، بدآ يخططان لإنتاجهما الخاص، وكان فى ذلك الوقت فيلم «الآنسة حنفى» قد حقق نجاحا مدويا دفع بالممثل الكوميدى إسماعيل ياسين إلى قمة النجومية، ورأى الأستاذ جمال الليثى أن يستغل هذه النجومية فى فيلم يحمل صراحة اسم «إسماعيل ياسين»، واتفق معه فى الرأى المخرج الكبير فطين عبدالوهاب، وبالفعل اجتمعوا معاً وقدم لهما الأستاذ فطين فكرة فيلم «إسماعيل ياسين فى الأسطول» وبهرتهم الفكرة وشرعوا فى تنفيذها، وتوجه الأستاذ رمسيس إلى الأسطول المصرى واستأذن البحرية المصرية فى أن تعيرهم إحدى سفنها ليصوروا على متنها المشاهد الخارجية، وبالفعل، أبحروا حتى وصلوا إلى شواطئ إسبانيا لتحقيق المصداقية للمشاهد، وجاء الفيلم فتحاً جديداً فى مجال الإنتاج السينمائى المصرى، وأثار عند عرضه عاصفة من النجاح، وجاء فيلمهم الثانى كشركاء هو فيلم «الليلة الرهيبة» من إخراج المخرج الكبير السيد بدير، وجاء الفيلم الثالث لهما وهو «الطريق المسدود»، واتجه تفكيرهم إلى الفنانة الكبيرة فاتن حمامة لتكون بطلة هذا العمل، وكانت أفلامهم الثلاثة على درجة كبيرة من النجاح ولكن لم يكتب لشركتهم الاستمرار فانفصلوا، إلا انهم ظلوا أصدقاء إلى النهاية..
كان أول إنتاج لشركة جمال الليثى التى كونها بعد الانفصال فيلم «إسماعيل ياسين بوليس حربى»، وكتب قصته وأعد السيناريو والحوار الأستاذ على الزرقانى بخفة ظله الكوميدية المأثورة، ووضع الأستاذ فطين إلى جواره الفنان عبدالسلام النابلسى، وبالطبع أضافوا شخصية الشاويش عطية الماركة المسجلة فى أفلام إسماعيل ياسين، واختار جمال الليثى الفنانة فريدة فهمى لتظهر فى أول دور سينمائى لها، وحقق الفيلم عند عرضه بسينما ميامى فى أواخر 1958 نجاحاً مدوياً مما جعله ينتج فيلما آخر يحمل اسم «إسماعيل ياسين»، وكان «إسماعيل ياسين بوليس سرى»، ونجح نجاحا مدويا هو أيضا. أما قصة فيلم «صراع فى النيل» فسنتناولها الأسبوع القادم إن شاء الله.