الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
يحكى الإمام ابن كثير فى «البداية» أنه جاءت مجموعة من التجار ببضاعة للبيع فى السوق الصباح فوصلوا بالليل، فقال سيدنا عمر لسيدنا عبدالرحمن بن عوف تعال نحمى المدينة ونتجول فيها، فكان الحاكم يتجول فى الليل لكى يطمئن أنه لا يوجد هناك لصوص، وذات مرة وهو يتجول فإذا به يسمع بكاء طفل فطرق الباب، وقال اتقى الله وارحمى صبيك فقالت له حاضر فذهب وأتى مرة أخرى من نفس المكان فسمع الطفل يبكى، فقال لها إنكِ أم سوء، منذ بداية الليل وأنا أسمع بكاء الطفل هل أرضعته، فقالت إنى أهننه بالطعام حتى ينفطم ولا أرضعه، فقال لها لماذا؟ علما بأنها كانت لا تعرف أنه سيدنا عمر، فقالت إن عمر لا يفرض أجرا شهريا إلا على المفطومين، ونحن فى عسر من أمرنا، فأردت أن أفطمه.. فقال لها كم يبلغ من العمر؟ فقالت إنه أقل من شهرين، فقال أتريدين أن تفطميه فقط من أجل الأجر الشهرى من بيت المال؟ قالت نعم.. فذهب إلى المسجد فى الفجر، ولم يفهموا كلامه من كثرة البكاء، وبعد أن خطب فى الناس قال بؤساً لك يا عمر ما أكثر من قتلت من أبناء المسلمين ثم كتب كتاباً، وقال فيه يفرض عمر لكل أبناء المسلمين حتى المواليد أن يصرف لهم راتبا شهريا. وهو بذلك أول واحد صرف راتبا شهريا للمولود، وهذا كان عمله ليقول للناس إن العمل هو المقياس للصلاح والدين.. فى ذات مرة سيدنا عمر كان يمشى فى الشارع فإذا به يرى شابا يمشى متماوتا (خاشعا) فكان معه الدرة (عصا) وهى رمز القانون فضربه على كتفه، وقال له يا هذا لا تمش هكذا لا تمت علينا ديننا (امشى عدل)، فلماذا قال سيدنا عمر لواحد خاشع لا تمت علينا ديننا؟ قال أهل العلم إن الدين هو إقامة مراد الله فى مكانه. أما عن أمنية سيدنا عمر بن الخطاب فقد قالها أمام الناس، فسيدنا عمر هو ذراع النبى صلى الله عليه وسلم.. وإن قلنا إن الذراع اليمنى للنبى هو سيدنا أبوبكر فإن سيدنا عمر بن الخطاب هو الذراع اليسرى.. فقال سيدنا عمر أمنيتى هى «أن يأتينى أجلى وأنا بين شعبتى راحلتى أطلب من فضل الله، ولو جاء أجلى وأنا واقف بين الجمال التى عليها البضاعة وأنا فى السوق لأحب إلىّ من أن يأتينى أجلى وأنا أجاهد فى سبيل الله، لأن الله تعالى قال «علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون فى الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون فى سبيل الله». سيدنا عمر أراد أن يقنع الناس أن معيار الصلاح والإصلاح العمل.. سيدنا عمر كان دائما يقول يا معشر القراء ارفعوا رؤوسكم واتجروا فقد وضح الطريق. كانت هذه هى أول دعامة من دعائم بناء الحضارة الإسلامية عند سيدنا عمر.