الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
كرم الله- سبحانه وتعالى- النفس الإنسانية، وصان لها حرمتها وحقها فى الحياة الكريمة الآمنة، وجعل الاعتداء عليها أكبر جريمة بعد الكفر والشرك. فالجنس البشرى كله أسرة واحدة- من ذرية آدم- والعدوان على نفس واحدة هو اعتداء على الجنس البشرى كله، وعندما وقعت أول جريمة قتل على وجه الأرض، وقتل قابيل أخاه هابيل حرم الله على الأرض أن تشرب الدم، ويقول النبى- عليه الصلاة والسلام: «لا يزال المؤمن فى فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً»، وهذا إن دل على شىء، يدل على مدى أهمية الدم فى الشريعة الإسلامية، ولقد أرسى الرسول الكريم- صلى الله عليه، وسلم- هذا المبدأ فى خطبة الوداع حينما قال «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم. ألا هل بلغت؟ قالوا نعم، قال اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فلا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض»، فلقد حرص الإسلام كل الحرص على استقرار حياة الناس والحفاظ على أمنهم، وحرَّم كل اعتداء أو ترويع يهدد هذا الاستقرار.. وعن الرسول- صلى الله عليه، وسلم- قال «لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم»، وقال النبى- صلى الله عليه وسلم- فيمن قتل ذمياً بغير جرم: «من قتل نفساً معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً»..؟ هكذا إذن هى حرمة الإنسان وحرمة دمه عند الله، وهكذا هى عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فالإسلام حرم الدماء، فكل الدم حرام إلا بالحق، وجميعنا نشترك فى مسؤولية الحفاظ على الدم، ففى ديننا الحنيف الأمة كيان لا ينفصل حاكما ومحكوما.. قال رجل لعمر بن الخطاب- رضى الله عنه- اتق الله يا عمر، وأكثر عليه، فقال قائل: اسكت فقد أكثرت على أمير المؤمنين، فقال عمر: دعه، لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نقبلها.. وعندما حدثنا رسولنا الكريم عن المسؤولية قال- علية الصلاة والسلام: «ألا كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته»، وسيسأل الله كل إنسان يوم القيامة عن رعيته. قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «إنّ الله سائلٌ كل راعٍ عما استرعاه: حفظَ أم ضيّع؟».