إن دور الإعلام فى تجديد الخطاب الدينى هو موضوع ذو أهمية قصوى فى واقعنا المعاصر، إذ أصبحت الحاجة إلى هذا التجديد ضرورة مُلِحّة فى ظل التحديات الكبيرة التى يواجهها العالم الإسلامى، سواء كانت ثقافية أو اجتماعية أو فكرية. إن تجديد الخطاب الدينى ليس مجرد تغيير فى الأسلوب أو الألفاظ، بل هو عملية عميقة تهدف إلى إعادة فهم النصوص الدينية بما يتماشى مع مقاصد الشريعة، مع الحفاظ على الثوابت والأسس التى لا تتغير. إنه دعوة إلى التفكير، والاجتهاد، والحوار المفتوح، لتقديم رؤية دينية تجيب عن أسئلة العصر، وتواجه التحديات بروح منفتحة ومستنيرة لعلنا نؤكد هنا أن هذا المنحى ليس جديدًا فى تاريخنا الإسلامى، بل هو عملية متتابعة كانت دومًا جزءًا من مسيرة العلماء والمفكرين.. فنجد الإمام الشاطبى، رحمه الله، يقول: «المجتهد إنما ينظر فى تحقيق مقاصد الشريعة بما يناسب حال العصر وأهله»، وأيضًا قول الإمام ابن القيم، رحمه الله: «إن الفقيه هو الذى يوازن بين النصوص الشرعية ومقاصد الشريعة فى الواقع».
إذن، فهو عملية تحتاج إلى توازن دقيق بين: المحافظة على الثوابت الدينية والاستجابة للتحديات المعاصرة.
ليبقى الخطاب الإعلامى تحديدًا له مقومات ثابتة؛ يجب أن يمتلك مفاتيحه مقدموه حتى يتسنى لهم توصيل الرسالة المنشودة إلى الجمهور بكل فئاته.. لتضحى رسالتنا، كإعلاميين، ركيزة فى هذه المنظومة المتتالية المعاصرة، بداية، يجب التوعية بأهمية التجديد.. موضحين أنه لا يعنى التفريط فى الدين، بل هو ضرورة للحفاظ على حيويته واستمراره.. مبرزين القيم الإنسانية التى دعا إليها الإسلام مثل: العدل، والرحمة، والمساواة كقيم عالمية داعمة للتعايش السلمى، مما يسهم فى بناء مجتمعات متماسكة ومتسامحة.
ثم تأتى لغة الخطاب وفصله، فوجب علينا هنا: استخدام الوسائل الإعلامية الحديثة والمنصات الرقمية للوصول إلى جمهور أوسع وتقديم الخطاب الدينى بلغة مفهومة وبأساليب مبتكرة تناسب العصر الرقمى ليكون قريبًا من قضايا المجتمع والشباب خاصة، لغة تلامس واقعهم وطموحاتهم، فالشباب هم المستقبل، أمل الأمة، ومن الضرورى أن يكونوا جزءًا من عملية التجديد، ويجب علينا أن نعزز لديهم قيم التواصل والتحاور، وتكون جهودنا متكاتفة وفاعلة فى هذا الاتجاه، جاعلين التدريب والتأهيل هدفًا أعلى من أجل الإسهام بالدور الذى نحن منوط بنا القيام به، ألَا وهو تعزيز قدرات إعلاميينا وتطويرها.