الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
كما ذكرت فى مقالى السابق حكايتى مع فيلم ميرامار الذى كتب له القصة الكاتب العظيم نجيب محفوظ وكتب له السيناريو والحوار والدى المنتج والسينارست الكبير ممدوح الليثى، فبعد أن تم رفض الفيلم من قبل الرقابة وأحالوا الفيلم إلى رئيس الجمهورية الرئيس جمال عبدالناصرالذى كلف السيد أنور السادات بمراقبة الفيلم، وكما حكى لى والدى أنهم وجدوا الأستاذ فوزى عبدالحافظ سكرتير السادات أمام مبنى الرقابة يجلس على دكة فى انتظار وصول أنور السادات الذى حضر بعد قليل ومن خلفه السيد شعراوى جمعة والدكتورة حكمت أبوزيد والمرحوم عبدالحميد جودة السحار والمرحوم حسن عبدالمنعم وكبار قيادات الاتحاد الاشتراكى، وقبل أن يبدأ عرض الفيلم التفت الرئيس السادات إلى والدى وسأله أين نجيب محفوظ؟ وتلعثم والدى فى الإجابة. فقال له بأسلوب أولاد البلد: «اذهب هناك إلى قهوة سفنكس أو قهوة ريش ستجده جالسا، قل له أنور السادات عايزك».
وأرجأ السادات عرض الفيلم لحين حضور مؤلفه وذهب والدى إلى قهوة سفنكس ووجد الأستاذ نجيب وسأله بقلق: فيه حاجة؟ – أيوه أنور السادات عايزك.. عايزنى أنا؟ قوله مالقتوش رجع بيته بدرى. وحاول والدى مع الأستاذ نجيب مفيش فايدة. «يا سيدى أنا مليش فى الحكام». عاد والدى للسيد أنور السادات وأبلغه كذبا أن الأستاذ نجيب محفوظ قد غادر المقهى مبكرا سيرا على قدميه كالعادة ولا يعرف أى طريق سلك، ولا إلى أين توجه. وهز السادات رأسه وأطفئت صالة العرض وبدأ عرض الفيلم. لم يسمعوا همسا أو تعليقا أو مجرد ابتسامة خفيفة على حوار الفيلم أو أى تعبير قد يفضح رأى صاحبه، وقبل نهاية الفيلم بربع ساعة وحسب أحداث الفيلم اكتشفت «زهرة» والتى لعبت دورها الفنانة شادية أن سرحان البحيرى عضو الاتحاد الاشتراكى (يوسف شعبان) يخونها مع مدرّستها فأمسكت بتلابيبه داخل البنسيون وقامت بينهما معركة بالأيدى أمام نزلاء البنسيون ومنهم طلبة بيه مرزوق (يوسف وهبى) الذى علق قائلا: «المثقفون وقعوا أخيرا مع الفلاحين وماسكين فى بعض»..
هنا قهقه السادات بضحكته المعروفة واضطر بالطبع أن يقهقه خلفه قيادات الاتحاد الاشتراكى. بعد نهاية العرض جلس السادات يستمع إلى الآراء المختلفة لقيادات الاتحاد الاشتراكى وللرقباء فقال أحدهم تجب إعادة صياغة الفيلم من جديد وأن يتم تأليف مشاهد جديدة لشخصية اخرى «إيجابية» فى الاتحاد الاشتراكى لتحقيق التوازن بينها وبين شخصية «سرحان البحيرى» المنحرف أخلاقيا، وطالب رأى آخر بمنع عرض الفيلم خاصة أننا مقدمون على معركة. وسأله السادات: ما علاقة المعركة بشخص منحرف؟ لا إجابة.
وطالب ثالث بحذف عبارات يوسف وهبى، ورابع بحذف كل ما يشير من قريب أو بعيد إلى أن سرحان البحيرى عضو بالاتحاد الاشتراكى وخامس وسادس… إلخ، والتفت السادات إلى الدكتورة حكمت أبوزيد وسألها إيه رأيك يا دكتورة حكمت؟ وقالت رأيها، وكما حكى لى والدى أنه كان السهل الممتنع ثم طلب منه السادات أن يرد على الملاحظات التى سمعها من الحاضرين، وظل لمدة نصف ساعة يتحدث ويرد بمنطق الدراما على كل ملاحظة، وفى نهاية النقاش أدلى السادات برأيه قائلا: «أنا مع الأخ ممدوح الليثى بعرض الفيلم كما هو ولكن لى عتاب على الدكتورة حكمت هو أننى كنت أنتظر منها أن تعترض على جملة بائع الصحف عندما قال (صنف الستات دول زى الحيوانات)، معلش إحنا بنحترم المرأة وميصحش يا دكتورة حكمت يتقال عليها كده وهى دى الجملة الوحيدة التى أوافق على حذفها من الفيلم»..
وهللوا لقرار السادات وعانقوه واعتبروا أن هذا هو قرار جمال عبدالناصر نفسه.
تم عرض الفيلم بدور السينما وتوقفت السيارات فى شارع 26 يوليو أمام سينما ريفولى بسبب طوابير الحجز التى سدت الطرقات.
وللحديث بقية