الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
آن الأوان بعد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية البدء الفورى فى التعامل مع مشاكلنا الملحة بشىء من الجدية والموضوعية بعيداً عن الخطب والشعارات الرنانة التى عشنا فيها على مدار الثلاثين عاماً الماضية.. إن المواطن المصرى لا أعتقد أنه يهتم الآن بالدستور الجديد أو بانتخابات مجلس الشورى أو بالأفكار التى يصدرها له الصفوة والنخبة السياسية فى مصر.. ففى طريق تصويرى لحلقة جديدة من برنامج «واحد من الناس» فى محافظات بنى سويف والإسماعيلية والبحيرة وجدنا أننا فى وادٍ والناس جميعاً فى وادٍ آخر!!.. فالناس من أهل بلدى لا يوجد لديهم أى اهتمام بفكرة المشروع السياسى المصرى الجديد أو من يحكم مصر أو استمرار المجلس العسكرى من عدمه أو كيفية وضع الدستور الجديد أو من هم الوزراء فى حكومة الجنزورى.. ليس لديهم أى اهتمام بالنواحى السياسية.. أظنهم لا يفرّق معهم حتى إذا كان حسنى مبارك يحاكم من عدمه.. لماذا؟ لأن هؤلاء الناس وما أكثرهم مازالوا يعانون من الفقر والجوع والحياة اللا آدمية التى يعيشونها.. إنهم يفتقدون المياه النظيفة والصرف الصحى والمستشفى الذى يعالجهم وأسرهم فى حالة مرضهم.. والمدرسة التى تبعد كيلو مترات عن منازلهم ويصعب على أطفالهم الذهاب إليها.. هؤلاء الذين يضطرون لشراء المياه بالجركن ويعانون فى دفع ثمن المياه التى من المفترض أنها حق مكتسب لهم.. يعانون وهم يدفعون لسيارات كسح المجارى مائة جنيه شهرياً لكسح الصرف الصحى الخاص بهم.. يعانون من عدم توافر الوظيفة المناسبة لهم ولأبنائهم الذين تعبوا فى تربيتهم وأنفقوا عليهم (دم قلبهم) حتى يحصل الابن أو الابنة على بكالوريوس أو دبلوم.. يعانون من عدم وجود سقف يحميهم من برد الشتاء القارس، خاصة هؤلاء الذين يعيشون فى محافظات قبلى وبحرى.. فلا توجد مقارنة بين برد القاهرة وبرد باقى المحافظات.. يعانون من فساد المحليات التى تضن عليهم بالحياة الكريمة.. فمن حق هؤلاء ونحن أن نحتفل بالعيد الأول للثورة أن نشعرهم بأن مصر قد قامت فيها ثورة من أجلهم.. ليس بالشعارات والأغانى ولكن بالعمل.. إن أغلب المصريين فقراء ويعيشون حياة العدم وآن الأوان أن يشعر هؤلاء بالعدالة الاجتماعية التى افتقدوها على مدار حياتهم.. بالتأكيد من المهم أن نهتم بوضع دستور جديد عصرى لمصر لكن الأهم أن نوفر للمواطن حياة كريمة تتيح له أن يشارك فى الحياة السياسية.. كيف نطلب من إنسان محتاج ومهموم أن يفكر وهو لا يستطيع التفكير لأنه عاجز ومشلول ومقيد بمشاكله الاجتماعية.. إن المصرى حتى يستطيع أن يشارك بجدية فى صناعة القرار فى وطنه عليه أن يتحرر أولاً من أسر الفقر والجوع حتى يشعر أنه إنسان طبيعى له حقوق وعليه واجبات.. إنها دعوة أوجهها لجميع منظمات العمل الخيرى من جمعيات خيرية وإنسانية.. علينا أن نتكاتف جميعاً من أجل الارتقاء بالمستوى المعيشى لأهالينا فى قرى ونجوع مصر.. على المواطن القادر أن يساهم فى مجال العمل الخيرى التطوعى قدر مساهمته فى المشاركة فى العمل السياسى.. علينا أن نمحو عار الفقر الذى لحق بنا على مدار سنوات طويلة.. إن الحيوانات التى تسكن حديقة الحيوان بالجيزة تنعم بالمياه النقية التى للأسف لا ينعم بها ملايين المصريين الذين يسكنون العشوائيات.. وانها دعوة أن يكون احتفالنا بالثورة هو التوجه للعمل التطوعى والمساهمة فى القضاء على الفقر الذى نحر وقتل المصريين لسنوات طويلة.. وهى مناسبة لشكر كل جمعية خيرية تساهم فى مجال العمل التطوعى لتطوير الإنسان المصرى وأطالبهم بالمزيد.. إننا نحتاج إلى آلاف الجمعيات الخيرية على مدار جميع المحافظات لتساهم فى النهوض بالمواطن المصرى الفقير الذى آن الأوان أن يشعر بأنه إنسان يعيش فى بلد متحضر قام أبناؤه بثورة للقضاء على الفساد وتفعيل مفهموم العدالة الاجتماعية.. ولنبدأ.