الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
عام 1949 صدرت رواية «بداية ونهاية» لكاتبنا الكبير الأستاذ نجيب محفوظ، وهى رواية مستوحاة من قصة حقيقية لأسرة من الأسر الفقيرة التى تكافح بعد وفاة رب الأسرة وعائلها الوحيد، وتتشابك فيها علاقات الأفراد بالمجتمع والبيئة التى حولهم. تم تحويل هذه الرواية إلى فيلم سينمائى عام 1960 من إخراج الأستاذ صلاح أبوسيف ليصبح هذا الفيلم من أفضل مائة فيلم فى تاريخ السينما المصرية.. أيضًا أخرجها للمسرح المخرج والفنان الأستاذ عبدالرحيم الزرقانى الذى عاش فى نفس ظروف الرواية من وفاة الأب وما ترتب عليها من تعرضه لهزة عنيفة ومواجهته ظروفًا قاسية وصعبة، وكان وهو يقوم بإخراج مسرحية «بداية ونهاية» فى المسرح القومى يقول لأبطال العمل: «أنا ما بخرجش أنا بنقل تجربة عشتها»، فعند وفاة الأب فى الطبقة المتوسطة يترك معاشًا صغيرًا أو ثروة ضئيلة أو لا يترك أى شىء، وكان معاش والده ضئيلًا وهو نفس المبلغ الذى ذكره الأستاذ نجيب محفوظ فى روايته التى طابقت الواقع بشكل كبير، وكان الأستاذ عبدالرحيم هو الأخ الأكبر فاضطر أن يفكر فى كيفية الحصول على الفلوس حتى يستطيع أن يتكفل بإخوته ووالدته، وكانت وفاة والده عام 1930، وكان ذلك العام هو ذروة الأزمة العالمية الطاحنة التى تسببت عام 1939 فى الحرب العالمية الثانية، ولم تكن هناك مجالات عمل عام 1930، وعُرض عليه عمل بمائة وخمسين قرشًا فى الشهر، ولكنه لم يقبل وشعر بأنه أمر مهين، ولم تقبل والدته التى كان يُشبّهها بأمينة رزق فى فيلم «بداية ونهاية».
فهى من قادت السفينة بحزم وحنان شديدين ولم تقبل أن يتوظف ولدها بمائة وخمسين قرشًا فى الشهر بل دعمته وشاركته فى تحمل الأمر، ومن صعوبة ما واجهه فقد اعتبر عام 1931 عامًا سقط من حياته، وهو العام الذى «حطمه» على حد وصفه، فكان من المفترض أن يحصل فيه على البكالوريا أو الثانوية العامة إلا أنه لم يستطع تحقيق ذلك نظرًا للظروف الصعبة التى كان يمر بها إلا أنه حصل عليها عام 1933، واضطر أن يسافر للعمل ببنها، وشعر بأنه حُرم من الفن وقتها، والتحق ببنك التسليف الزراعى، وكان راتبه خمسة جنيهات، وهو مبلغ كبير وقتها، فالدولة كانت توظف بثلاثة جنيهات فقط، فاستطاع براتبه أن يعيش حياة كريمة كما استطاع أن يساعد والدته.. عاد للفن مرة أخرى عام 1937 عن طريق الأستاذ عبدالعزيز خورشيد، وعملوا مسرحية العرش، وأخرجها الأستاذ زكى طليمات الذى تعرف وقتها على الأستاذ عبدالرحيم الزرقانى، وكان ذلك أمرًا مهمًا للأستاذ عبدالرحيم الذى انتقل للقاهرة عام 43، وتم افتتاح المعهد العالى للتمثيل عام 44، وكأنه كان على موعد مع القدر ليواصل رحلته فى عالم الفن ويصبح رائدًا من رواد الإخراج المسرحى فى مصر.