الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
ونستكمل اليوم حديثنا عن المرأة والتحديات التى تواجهها، وهناك محور هام أود أن أتطرق له ألا وهو العنف القائم على نوع الجنس.. وما زاد عليه وعضده وجود المنصات الإلكترونية.
فالعنف القائم على نوع الجنس، الرقمى والتقليدى على حد سواء، يشكل تهديدا لحرية التعبير والوصول إلى المعلومات. هنا تتراجع النساء عن المجال العام بسبب التحرش.
ففى تقرير من منظمة الدعم الإعلامى الدولى IMS وهى منوطة بدعم الإعلام، ومكونة من ٣٠ دولة؛ كان هناك رقم خطير حيث ذكر أن ما يقرب من نصف الصحفيات يتعرضن للإساءة عبر الإنترنت، ليس بسبب المحتوى، إنما بسبب كونهن نساء! مما يجعل مكان العمل بيئة غير آمنة للنساء؛ محيطا بالعلم إلى أن ما يقرب من ثلث الصحفيات يفكرن فى ترك المهنة بسبب التهديدات أو الترهيب أو الهجمات التى يتعرضن لها.
أعتقد أن هذه الملاحظة جديرة بالدراسة فى مجتمعنا؛ لتقييمها والعمل على الحد منها.. إن قطاع الإعلام يتحمل مسؤولية توفير بيئة عمل آمنة لجميع الموظفين ووضع سياسات تمنع العنف القائم على نوع الجنس. من الضرورى أن يكون لدى المؤسسات الإعلامية آليات ومدونة لقواعد السلوك، لها معايير محددة للعمل الصحفى ووضع المرأة فيه؛ ضامنة الدعم اللازم لأولئك الذين عانوا من العنف القائم على نوع الجنس فى مكان العمل، أثناء أداء عملهم / أو عبر الوسائل الرقمية.
الاعتراف بالدور الحاسم لوسائل الإعلام فى تحقيق المساواة بين الجنسين فى جميع المجالات من خلال إنشاء محتوى متوازن جاذب وممثل لدور المرأة الحقيقى كعقل منفذ وعنصر مفكر وفعال.
ويجب أن تقود وسائل الإعلام الطريق إلى سياسات وقواعد وآليات متماسكة على جميع المستويات، بدءا من سياسات وسائل الإعلام الوطنية والتنظيم الذاتى لصناعة الإعلام.
كما يجب أن تكون سلامة العاملات فى مجال الإعلام أولوية رئيسية للدول وصناع ألأعلام.. وذلك من خلال تفعيل مدونات السلوك الملزمة وإنشاء آليات فعالة للشكاوى والانتصاف.
إن تمثيل المرأة من قبل الإعلام بشكل واقعى متوازن، وأكثر دقة، يشكل تحديًا هائلاً فى هذه المرحلة، فتعزيز صورتها لا يتم إلا من خلال رصد أنواع التمييز ضدها، وزيادة الوعى بقضاياها وحقوقها، ونظرًا لإدخال الوسائل التكنولوجية التى أحدثت تطورا فى المجال الإعلامى يمكن الآن للإعلام أن يكون وسيلة قوية للتغيير الايجابى، وذلك بتكريس الاهتمام والموازنة فى التغطية البنّاءة لمشاكل المرأة، فبناء مستقبل مستدام مشترك للجميع يتطلب منا، على كافة المستويات، التعاون والتكاتف.