الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
بعد مقابلة والدى الكاتب والسيناريست الكبير ممدوح الليثى للسيد رئيس الجمهورية والسيدة حرمه بخصوص فيلم الكرنك، وطلبه من الرئيس السادات السماح بعرض الفيلم بدون حذف، والذى أكد بدوره أن الفيلم مفيهوش حاجة تتحذف، ولم يرض والدى أن يخبره أن وزير الثقافة يوسف السباعى طلب حذف ثلث الفيلم!.. اعتذر له السادات عن عدم جلوسه معه لارتباطه بمواعيد وقال مبتسما للسيدة جيهان: «شوفيه عايز إيه يا جيهان».. وربت على كتفه: «فرصة سعيدة يا أخ ممدوح وعايزينكو تكتروا من الأفلام دى، وسلم لى على الأستاذ نجيب محفوظ».
جلس والدى مع السيدة جيهان السادات بعدها لمدة عشر دقائق، سألته عن طلباته، وطلب أن يعرض الفيلم فورا بدار سينما ريفولى بعد انتهاء الفيلم المعروض فيها، وبدون حذف مشاهد، وحررت السيدة جيهان السادات ورقة صغيرة بالمطلبين وصافحته متمنية لهم النجاح.. عندما عاد والدى إلى منزلنا بادرته والدتى فورا: «مبروك، اتصل بك طلعت خالد وكيل وزارة الإعلام وبيبلغك بأن هناك رسالة عاجلة وصلت من رئاسة الجمهورية بالتصريح بعرض الفيلم كاملا»، فشهق من الفرحة وأسرع بالاتصال بالأستاذ طلعت خالد ليؤكد له الخبر ويرسل له نسخة من الرسالة ونصها: «وافق السيد الرئيس محمد أنور السادات على التصريح بعرض فيلم الكرنك كاملا وبدون حذف بدار سينما ريفولى بعد انتهاء الفيلم المعروض بها حاليا، وعلى السيد وزير الثقافة والإعلام العمل على تنفيذ ذلك».
فى الصباح، وفى مطار القاهرة الدولى، وصلت طائرة الأستاذ يوسف السباعى ترانزيت متجهة إلى دولة أخرى، وهناك عرضوا عليه ضمن البوستة البرقية ليؤشر عليها بالتنفيذ، ليسافر بعدها وهناك غصة فى قلبه، وقد أحس بأن الشيوعيين انتصروا عليه من خلال ممدوح الليثى. توافق تاريخ عرض فيلم الكرنك فى بداية 1976، مع يوم صدور الحكم فى القضية التى أقامها صلاح نصر لإيقاف عرض الفيلم، وكان مانشيت جريدة الأخبار الذى نشره الكاتب الكبير مصطفى أمين يومها على هذا النحو: «اليوم يصدر الحكم فى قضية الكرنك»، وتدفقت الجماهير على باب سينما ريفولى طوابير أغلقت شارع 26 يوليو، وارتفعت قيمة التذكرة فى السوق السوداء من ٧٢ قرشا إلى خمسة جنيهات. وصدر حكم القضاء برفض الدعوى، وحقق الفيلم أعلى إيرادات فى تاريخ صناعة السينما منذ نشأتها حتى بداية التسعينيات!. وحكى لى والدى أنه بالرغم من أنه لم يشكُ يوسف السباعى للرئيس السادات إلا أنه اعتبرهم قد تجاوزوه عندما صرح بعرض الفيلم دون تنفيذ ملاحظاته.. مرض بعد ذلك الأستاذ يوسف السباعى ودخل مستشفى الجمعية الخيرية بالعجوزة لإجراء عملية جراحية بسيطة، وانتهزها والدى فرصة وتوجه لزيارته بالمستشفى، وهناك استقبله الكاتب الكبير ثروت أباظة ودخل إليه وأبلغه بحضوره، بعدها بقليل خرج ليبلغه آسفا أنه عليه ألا يمكث أكثر من خمس دقائق كتعليمات الأطباء، فدخل والدى وصافحه ووضع علبة الحلوى، وأومأ له برأسه متمنياً الشفاء العاجل، فهز رأسه هو الآخر وانصرف والدى بعد دقيقتين.. فى بداية عام 1977 أعلنت وزارة الثقافة نتائج المسابقة التى تنظمها الوزارة كل عام فى جميع فروع العمل الفنى السينمائى، وذلك فى حفل كبير، وكانت نتيجة المسابقة فوز فيلم الكرنك كأحسن إنتاج، وفوز والدى بأحسن سيناريو وأحسن حوار، وعندما نُودى على اسمه توجه إلى المنصة لتسلم الجائزة الأولى فى الإنتاج، والجائزة الأولى فى السيناريو، والجائزة الأولى فى الحوار من وزير الثقافة يوسف السباعى، ووجده يبتسم له وكأنه يستعرض معه فى فلاش باك سريع مشاكل فيلم الكرنك، أو كأنه يقول له دى نقرة ودى نقرة أخرى.. رحم الله والدى والأستاذ يوسف السباعى.