الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
بعد أن تم بالفعل تحديد موعد لوالدى الكاتب والسيناريست الكبير ممدوح الليثى مع السيد رئيس الجمهورية أنور السادات والسيدة حرمه بخصوص فيلم «الكرنك»، وكما حكى لى والدى، أنه لم ينم ليلتها وكان يفكر كيف سيبدأ.. وماذا سيقول.. وكيف يتجنب فى حديثه أن يشكو السيد يوسف السباعى.. وسأل والدى نفسه وهو يستعد للتوجه لمقابلة الرئيس: ترى هل يتذكرنى؟..
وردد فورا طبعا لا.. فى جملة الأحداث التى مرت ببلدنا بدءا بعبور قواتنا… لمباحثات كيسنجر لفتح القناة للملاحة… أعمال التشييد والتعمير فى مدن القناة… والإصلاح الاقتصادى لابد أنه قد نسينى.. توجه والدى فى الصباح إلى جراج الانتكخانة المجاور لمنزلنا حينذاك ليركب سيارته، وكانت المفاجأة وجد صاحب الجراج فى انتظاره يقول له بأسف: معلش يا أستاذ ممدوح.. إحنا عاقبنا الولد وسلمناه للبوليس.. ولد مين؟.. الولد اللى سرق عربية حضرتك عمل بيها حادثة فى المنيل، فهرب وجِه على هنا… وإحنا بلغنا البوليس وأخدوه وجبنا العربية من المنيل..! وأشار له إلى نصف سيارة… ظهرها محطم بالكامل… ومقدمتها سليمة بالكامل.. ونظر والدى إلى ساعته فوجدها تشير إلى الحادية عشرة والنصف صباحا.. لم يبق على ميعاد الرئيس إلا نصف ساعة، وهناك أزمة تاكسيات رهيبة فانطلق بسيارته المحطمة إلى منزل الرئيس بالجيزة!!
كان الناس من حوله يتطلعون له ويبتسمون وهو يقود نصف سيارة حتى وصل إلى شارع الجيزة.. وتوقف بسيارته أمام مدرسة الأورمان للبنات المجاورة لمنزل السادات، واتجه إلى منزل السادات سيرا على أقدامه، وعند باب فيلا الرئيس حيث يقف صول من الحرس الجمهورى.. بادره: اسم حضرتك إيه؟ ممدوح الليثى.. طب اتفضل.. هكذا بسهولة؟.. واستقبله بمجرد دخوله من باب الفيلا، أحد الموظفين صحبه إلى الهول، وبعد قليل حضر شاب أنيق يمسك قلما وأجندة صغيرة ابتسم ثم سأله: حضرتك مين؟.. وتساءل والدى فى سره: حضرتى مين؟!
ورد: ممدوح الليثى.. وسأله فى أدب جم: فيه ميعاد مع السيد الرئيس أو الهانم؟.. رد بحيرة: مع الاتنين غالبا.. خمس دقائق بس.. عن إذنك!!
جلس مذهولا وهو يتساءل كضابط شرطة سابق: هل هذا حقيقى أم تمثيلية؟ شخص يدخل منزل رئيس الجمهورية ويجلس فى الهول نصف ساعة ويشرب «قهوة وعصير».. ثم يسألونه بعد ذلك: حضرتك مين؟ قال فى سره: شىء من اثنين… إما انعدام الأمن.. أو أن الرئيس ومن حوله يؤمنون بأن البساط أحمدى والحارس هو الله… وأننا نعيش عصر أخلاقيات القرية فعلا!. أفاق من شروده على صوت السيدة العظيمة جيهان السادات.. وهى تنزل السلم.. وترحب به، وكانت فى قمة الرقة والأدب فى الحديث واللباقة والتواضع والثقافة وقمة البساطة!..
جلست السيدة جيهان السادات تحدثه عن فيلم «الكرنك»، وعن روعة القصة.. وجمال أداء سعاد حسنى ونور الشريف وعبقرية كمال الشناوى فى أداء دور خالد صفوان، وأثناء الحديث سمع صوت الرئيس السادات وهو ينزل على السلم الداخلى متجها نحوهم فى الهول.. أهلا يا ممدوح.. صافحه بابتسامة كبيرة على شفتيه: الفيلم عجبنى.. كويس قوى.. برافو. متشكر قوى يا فندم.. والتفت للسيدة جيهان وقال لها: كان عنده مشاكل فى فيلم «ميرامار»… وأنا صرحت له بالفيلم بدون حذف.. ونظر إلى والدى مبتسما: مش كده برضه.. مظبوط يا فندم.. وانتهز والدى الفرصة ليقول: وعايزين حضرتك برضه تصرح بفيلم الكرنك بدون حذف.. وقال الرئيس السادات بدهشة: الفيلم مفيهوش حاجة تتحذف!!.