كما ذكرنا من قبل شرح والدى المنتج والسيناريست الكبير ممدوح الليثى للأستاذ يوسف السباعى وزير الثقافة سبب أخذ الرئيس أنور السادات لنسخة الفيلم الموجودة بمدينة السينما، فاستطرد الاستاذ يوسف السباعى بأسلوبه البوليسى: والريس عايز النسخة ليه؟ عشان يشوفها ودى تالت مرة يشوف الفيلم.. وعاد يسأله بدهشة: الريس شاف الفيلم؟!، أيوه يا أفندم. مرتين قبل كده.. ودى تالت مرة.. ووقف يحدثه بعصبية: ومقلتليش ليه؟ قال له بحسرة: هو سيادتك مدينا فرصة نتكلم معاك؟! من ساعة ما شفت الفيلم.. وحضرتك بتزعق.. أيوه عشان الفيلم زفت وقطران كمان. فقال له والدى مهدئاً: ده حتى الأستاذ نجيب روح إمبارح واخد على خاطره منك عشان مسلمتش عليه.. وتلعثم يوسف السباعى وهو يقول: أنت وفيلمك السبب.. ثم طلب من حسين رزق أن يوصله بالأستاذ نجيب محفوظ!، في ثوان تحولت تكشيرة الأستاذ يوسف السباعى إلى ابتسامة جميلة وهو يتحدث إلى الأستاذ نجيب محفوظ.. معلش يا نجيب بيه.. ممدوح الليثى هو السبب.. أنت فاكر أنا جالى نوم بعدما شفت الفيلم؟، على العموم هوه عندى في المكتب دلوقت.. وهأمليه شوية ملاحظات صغيرة ينفذها والرقابة تجيز الفيلم على طول.. واختتم حديثه وابتسامة مودة كبيرة على وجهه: متزعلش يا نجيب بيه حقك علىّ مع السلامة.. وأخيرا دعا يوسف السباعى والدى إلى فنجان قهوة.. ثم طلب منه أن يجهز ورقة وقلما.. ليملى عليه بعض الملاحظات وأخرج من جيبه نوتة صغيرة.. أخذ يقرأ منها أولا: حذف مشاهد حلمى حمادة «محمد صبحى» في القهوة حوالى ربع ساعة، وكفاية يظهر وهو داخل وخارج من المقهى. ثانيا: حذف مشاهده مع قرنفلة حوالى خمس دقائق. ثالثا: حذف كل مشاهد حلمى حمادة مع الشبان الشيوعيين. وحديثه عن الشهيد «شهدى الشافعى» حوالى خمس دقائق. رابعا: حذف مشهد حلمى حمادة مع والده.. وهنا توقف والدى وسأل يوسف السباعى بدهشة: ليه يا افندم… ده مفيش بينهم أي كلام في السياسة. معلش ما انت مطلعه دمه خفيف في المشهد. مفيش داعى الناس تتعاطف معاه انت فاهم!. واستطرد يوسف السباعى: خامسا: حذف مشاهد حلمى حمادة وهو يتزعم الشباب في المعتقل ويقاومون العسكر.. سادسا: حذف مشاهد تعذيب حلمى حمادة في المعتقل. وسأله والدى بدهشة: أمال حايموت إزاى يافندم؟، رد بحدة: عنه ما مات… إنت عايز الناس تزعل على الشيوعى لما يموت؟.. مش لازم يموت.. سابعا.. ثامنا.. نهض والدى واقفا… ولم يعط يوسف السباعى وعدا بتنفيذ ملاحظاته واكتفى بأن قال له: على العموم يا أفندم الفيلم ده مش بتاعى لوحدى، المخرج له وجهة نظر وواحدة زى سعاد حسنى لها وجهة نظر برضه وطبعا حنشرك الأستاذ نجيب محفوظ معانا وإن شاء الله نرد على حضرتك. وقال له الأستاذ يوسف السباعى وهو يودعه: على العموم أنا مسافر النهارده بره مصر هغيب أسبوع، أرجع تعرض علىّ وجهة نظركم وخرج والدى من المكتب وقد انتابته حالة يأس كاملة!.