كان إنتاج فيلم عن حرب أكتوبر 1973 أحد أحلام عمى المنتج جمال الليثى، وكما روى لى أن هذا الحلم أوشك أن يتحقق عندما اتصل به من اليمن صديق له من الذين يعملون فى الحقل السينمائى وأخبره أن هناك منتجا عالميا يخطط لإنتاج فيلم عالمى عن حرب أكتوبر 1973، وأنه يريده أن يشاركه من الجانب المصرى فى إنتاج الفيلم. وجاء المنتج إلى القاهرة ونزل فى فندق هيلتون رمسيس وكان اسمه ديفيد سايد واختاروا بالفعل قصة «الحصار» للكاتب الكبير جمال الغيطانى الذى كان مراسلًا حربيًا لأخبار اليوم فى فترة الحرب وتبدأ بأحداث الثغرة ودخول أمريكا فى الحرب وصمود الجنود المصريين البطولى الذى أصبح شوكة فى حلق إسرائيل التى أعادت أمريكا تسليحها تسليحًا كاملًا بعد هزيمتها على أرض سيناء فى الأيام الأولى من المعركة.
وحاولت أسرائيل أن تحطم صمود الجنود المصريين داخل «الحصار» فشنت عليهم حرب المنشورات وقذفتهم بأطنان من قذائف ومدفعية الميدان وأغارت عليهم بالمقاتلات على مدار اليوم لكنهم ظلوا صامدين فى بطولة فريدة.. وفكر الأستاذ جمال الليثى أن إنتاج مثل هذا الفيلم العالمى الضخم يمكن أن يكون ختامًا رائعًا لحياته السينمائية الحافلة واتجه بالفعل إلى القوات المسلحة وبحث معهم كل التفاصيل الخاصة بتقديم الفيلم فى صورة مثالية مشرفة ورتب معهم احتياجات تنفيذ مثل هذا الإنتاج العالمى من جنود وفرق مسلحة وألوية دبابات وقام هو والمنتج ديفيد سايد بطلعات طيران فى الأماكن التى يجرى فيها التصوير، وعقدوا عدة جلسات مع المؤلف جمال الغيطانى والبطل المصرى الذى اختاروه لدور البطولة وهو الفنان الكبير عزت العلايلى الذى كان سعيدا بهذا الاختيار ونجحوا فى الحصول على موافقة صوفيا لورين والممثل الأمريكى آل باتشينو للمشاركة فى بطولة الفيلم.
واقترح الاستاذ جمال الليثى أن يعرض دورًا فى «الحصار» على الممثل العالمى الكبير أنتونى كوين واتصل به بالفعل تليفونيا وسأله كم سيستغرق دوره فى الفيلم من أيام فأخبره جمال الليثى أن الدور ممكن أن يصور على امتداد خمسة أيام ووافق على تمثيل الدور واشترط أن يتقاضى 50 ألف دولار عن كل يوم تصوير ووافقوا على شرطه وأرسل له جمال الليثى بالفعل نسخة من عقده موقعة منه.
بدأت الصحف والمجلات تتحدث عن فيلم «الحصار» وبدأت الكثير من الوكالات العالمية تتناقل أخبار الفيلم وبدأ شريكه فى الإنتاج العالمى ديفيد سايد يسافر إلى أوروبا للتمهيد لتوزيع الفيلم توزيعًا عالميًا وجاء ذات يوم إلى جمال الليثى ليخبره أنه سيسافر إلى بيروت لعدة أيام فى محاولة لتسويق الفيلم عالميًا وكان هذا آخر عهده به.. لم يعد إلى القاهرة لعدة أيام وكلما حاول أن يتصل به تليفونيًا لا يجد ردا أو أجابة ويئس من المحاولات بعد أن فهم أنه لا بد قد أصبح واحدًا من ضحايا «الموساد»، وكان رأيه كما نقله لى أنهم لا بد أنهم صفوه جسديًا حتى لا ينتج الفيلم. وقبع سيناريو الفيلم الذى كان قد تقدم به إلى الرقابة لكى يحصل على موافقتها فى أدارج مكتبه مختومًا بختم الرقابة وموافقتها على تصوير الفيلم، وكان أحيانًا عندما يخرجه من الدرج ويتصفحه كان يسرح بخواطره فى حلمه الذى لم يتحقق لاستكمال مشروعه العالمى لإنتاج فيلم «الحصار» وتقديم ملحمة العبور العظيم.