الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
تجديد الخطاب الدينى المقصود به تيسيره وتطويره حتى يسهل على العامة والبسطاء من الناس أن يدركوه، وتجديد الخطاب الدينى جاء به الحديث الشريف الذى يقول فيه الرسول، صلى الله عليه وسلم «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا»، فالذى يجدد أمر دينها إمام من الأئمة وعالم من العلماء وليس مجرد شخص مثقف أو إنسان عادى. كذلك أيضاً نرى عبر عصور التاريخ الإمام أبوحامد الغزالى عندما أخرج كتابه النفيس سمّاه «إحياء علوم الدين»، هذا هو معنى التجديد، أمور مضت ودرست فيريد أن يحييها وأن يبرزها وأن يوضحها، فجاء بهذا الكتاب النفيس وسمّاه «إحياء علوم الدين»، ونرى الإمام الشافعى عندما كان فى العراق كان له مذهبه القديم، فلما انتقل إلى مصر جدد الخطاب الدينى وكانت له آراؤه.
القرآن الكريم نفسه عندما خاطب الناس فى العهود الأولى وكانت وسائل مواصلاتهم هى الدواب والأنعام ولم تكن هذه المخترعات ولا الاكتشافات الحديثة موجودة فكان القرآن يخاطبهم بما فى بيئتهم «وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً»، وبعد ذلك مباشرة يقول المولى عز وجل «وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ»، فما كان يجرى فى خاطرهم أن تكتشف سيارة أو طائرة أو نحو ذلك. كذلك أيضاً الحديث «حاربهم بما يحاربونك به» لو أننا لم نأخذ بالتجديد لقلنا حرب السيف، ولكنه قال بما يحاربونك به، فمع الاكتشافات الحديثة يكون الخطاب الدينى موضحا هذه الحقيقة.
قال رب العزة «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا»، فمعنى ما أتاكم به فخذوه أى ما جاءكم به خذوه، ولم يقل فى المقابل وما لم يأتكم به، أو ما لم يفعله فلا تفعلوه، لو قال ذلك لكنا نتوقف عن كل شىء جد فى الحياة، ولكن من رحمة الله سبحانه وتعالى قال و«ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا» فلم ينهنا عن هذه الاختراعات الحديثة ولا ما أثمره الانفجار المعرفى والتحدى الحضارى الذى يعيشه العالم. فهناك أمور لم يأتها ولكنها حلال وما دام لم ينه عنها فلنا أن نفعلها. وهنا تجديد الخطاب الدينى يبدو بأجلى صوره ومعانيه فى أمور جدت فى الحياة لم تكن موجودة قبل ذلك.. التجديد والاجتهاد حتى يومنا هذا وإلى أن يرث الله الأرض وما عليها، فتجديد الخطاب الدينى بآلياته لم يكن موجودا قديماً، وجدّت اليوم آليات أوجدتها الحضارة الحديثة، فتجديد الخطاب الدينى بمخاطبة الناس بما يفهمون. وقد ورد فى الأثر عن على بن أبى طالب «حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله»، وقال ابن مسعود «ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة».