الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
من البرامج التليفزيونية التى تركت بصمة لا تُمحى برنامج «العلم والإيمان»، من تقديم الراحل الدكتور مصطفى محمود، رحمه الله، فمن منا لا يتذكر البرنامج بداية من مقدمته الموسيقية الشجية التى تلمس وترًا فى القلب وتجعلك تقف مشدوهًا بموسيقى الناى التى يعزفها الموسيقار الراحل محمود عفت، ولم يكن من المقرر أن تكون هذه هى المقدمة، وإنما فى البداية ألف الموسيقار محمد عبدالوهاب قطعة موسيقية إهداء منه لصديقه، ولكن لم يشعر الدكتور مصطفى محمود أنها ملائمة لطبيعة البرنامج، وطلب من الأستاذ محمود عفت أن يلحن تتر البداية، وهو المتخصص فى العزف على الناى، ليُخرج لنا هذه التحفة الرائعة، ثم يطل علينا الدكتور مصطفى محمود بصوته العميق وكلمته التى تتردد على شفتيه وتتردد على ألسنتنا جميعًا «سبحان الله». تم تقديم البرنامج لمدة ثمانية وعشرين عامًا فى التليفزيون المصرى، قدم خلالها أكثر من أربعمائة حلقة، فهو اختار المادة التى لا تنفد وهى التأمل فى قدرة الله فى هذا الكون الفسيح، ورصد العجائب التى تحدث فى الطبيعة، سواء فى البحر أو الجو أو الأرض، أو ما يحدث حتى داخل جسم الإنسان وخارجه، فلا تملك من أمرك شيئًا غير أن تقف متأملًا عظمة الخالق فى كل ما يدور حولك وداخلك.
ومما لاشك فيه أن المادة العلمية والوثائقية التى استخدمها الدكتور مصطفى محمود فى برنامجه هى مادة قيمة ونادرة أحيانًا، ومنها أفلام حصل عليها من سفارات بعض الدول، ولذلك عند نفاد هذه الأفلام واجه البرنامج مشكلة كبيرة، فسافر لشراء مادة فيلمية جديدة، وكان ذلك عام ١٩٧٦ واشتراها بمبلغ كبير وقتها، لكى يستطيع أن يواصل المسيرة التى قطعها على نفسه.
إن برنامج «العلم والإيمان» يجيب عن السؤال المهم لكل إنسان فقد البوصلة فى حياته، ليقول انظروا إلى عظمة الله فى خلقه، هذه هى الرسالة. ورحلة الدكتور مصطفى محمود من الشك إلى الإيمان، والتى تحدث عنها فى كتابيه «رحلتى من الشك إلى الإيمان» و«رأيت الله»، هذه الرحلة أضفت على ما يقدم صدقًا ومنهجًا يُعمل العقل ويقنعه ويحترمه فى النهاية، ويقول لبنى آدم تأملوا قدرة وعظمة الخالق.. إن غياب هذا البرنامج من على شاشات التليفزيون قد أثر بشكل سلبى فى ضعف إيمان البعض والتشكك الذى أصاب آخرين.. وأتصور أنه آن الأوان أن نفكر بجدية فى عودة برنامج «العلم والإيمان» مرة أخرى.. وإن كانت الإشكالية الحقيقية هى من يستطيع تقديم هذا البرنامج خلفًا للدكتور مصطفى محمود.. إننا إذا ما بحثنا ونقبنا سنكتشف أن لدينا من العلماء الأجلاء المتخصصين الذين يستطيعون أن يكملوا مسيرة الدكتور مصطفى محمود.. فقط علينا أن نبدأ.. رحم الله الدكتور مصطفى محمود الذى جعلنا نرى قدرة وعظمة الله جل جلاله فى خلقه.