الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
شيخ الإسلام عبدالله بن المبارك، حياته مثال عظيم جداً للرجل العابد العالم، المجاهد المكافح، المنفق الكريم، الجواد السخى، فقد اجتمعت فيه كل المحاسن الطيبة، وكان ثمرة طيبة لأب فاضل يُسمى المبارك، وكان عبدا رقيقا عند رجل غنى جداً، ولأمانته أعتقه لوجه الله، وملكه ثروته وزوجه من ابنته الوحيدة وأنجبت له ابناً مباركاً هو عبدالله بن المبارك الذى أصبح شيخ الإسلام عندما كبر، وكان إنسانا كريما جداً ويتاجر كل سنة بأكثر من خمسة ملايين درهم، ومع ذلك لم تجب عليه الزكاة ولا مرة لأنه لم يكن يتبقى عنده مال بالمرة، كان دائماً ينفق ماله لوجه الله تعالى أولاً بأول، وكلما أنفق فى سبيل الله يخلف الله عليه، وله مواقف كثيرة فى البذل والعطاء والكرم والجود. وكان من ضمن أبواب الإنفاق الجميلة التى كان يقوم بها عبدالله بن المبارك كفالة أهل العلم حتى يتفرغوا لطلب العلم فكان يقوم بتوزيع الكتب على الأئمة وطلاب العلم، ويرى احتياجات بيوتهم ويجعل لهم راتبا شهريا حتى يجعلهم يتفرغون تماماً لطلب العلم أو لطلب الحديث أو الفقه، أو لتعليم الناس أو غير ذلك، فهو كان يعى تماماً أن علماء المسلمين والدعاة هم جهاز المناعة للأمة الإسلامية فهم من يزيلون الشبهات والشكوك والمخاوف، وهم من يساعدون الأمة على معرفة دينهم وعقيدتهم وإيمانهم، وهم من يصلهم بهذا الشرع العظيم وهم من يعرفونهم بسنة النبى صلى الله عليه وسلم والقرآن، ولذلك فالعلماء كما قال النبى صلى الله عليه وسلم ورثة الأنبياء فكان عبدالله بن المبارك يدرك تماماً هذا الفهم الجميل ويدرك أنه لحماية الأمة فعليه أن يحمى علماءها، فكان دائم التفقد لأحوال الأئمة وطلبة العلم حتى إنه فى يوم من الأيام عندما كان يتفقد أحوال طلابه لم يجد أحد طلابه النابغين المجتهدين فى طلب العلم فسأل عنه فعرف أنه مسجون لعدم استطاعته سداد دين قد اقترضه من أحد الأشخاص لاحتياجه الشديد له، فذهب عبدالله بن المبارك إلى ذلك الشخص وسدد الدين وطلب من ذلك الشخص أن يذهب ليطلق سراح تلميذه من السجن واستحلفه بالله ألا يخبره بأنه من قام بدفع الدين عنه، وعندما قابل عبدالله بن المبارك تلميذه بعد ذلك سأله أين كنت؟ فروى له ما حدث له وأن رجلا صالحا هو من دفع الدين عنه، فقال له ادع له. ولم يعلم تلميذه الحقيقة إلا بعد وفاة عبدالله بن المبارك رحمه الله رحمة واسعة