الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
فى حياة كل منّا امرأة عظيمة أنشأته وتولت رعايته وحنت عليه، فكانت الحضن الدافئ والقلب الكبير الذى يتسع له، كانت لا تكل ولا تمل. هذه المرأة فى حياتنا جميعًا حتى ترضينا، لا تهتم بنفسها لكن تهتم بنا، كل همها أن تسعدنا ولو بأبسط الأشياء التى تستطيع أن تقوم بها. هذه هى الأم المصرية، الأم العظيمة، الأم الحنون التى تضحى بكل شىء فى سبيل إسعاد أبنائها، تفرح لفرحهم وتحزن لحزنهم، ويبكى دائمًا أبناؤها فى حضنها، تشعر بهم قبل أن يتحدثوا.
لأن الحبل السرى لا ينقطع أبدًا بين الأم وأبنائها، ويظل هذا الحبل مستمرًا طوال الحياة وحتى بعد الممات.. ومهما تحدثتُ عن الأم فلن أستطيع أنا وكل من يقرأ هذا المقال أن يوفى والدته حقها من الشكر والامتنان على كل ما قامت به من أجله من أبسط شىء، أنها تُخرج اللقمة من فمها وتضعها فى فمه، انتهاء بأن تضحى بما لديها من كل شىء فى سبيل أن تسعده.. كم من امرأة عظيمة ضحت بمالها فى سبيل إسعاد أبنائها.
كم من امرأة عظيمة قدمت كل ما لديها من ممتلكات لبناتها عند زواجهن أو لأبنائها عند وقوعهم فى أزمة، أما القيمة العظمى فى حياتنا فهى دعاء الأم، فدعاؤها أغلى وأعظم ما لدينا، ومن يعتقد أنه ناجح بقدرته وموهبته فهو واهم، فأنت تنجح بدعاء أمك لك وبرضاء والدك عليك، فهذا الدعاء يستمر فى الحياة وبعد الممات، وكم من إنسان محروم ضاع حظه فى الدنيا بعدم بره بوالديه، وماتا وهما غاضبان عليه.
وأكمل حياته تعيسًا حزينًا لا يعرف السبب، وها أنا أقول له إن السر فى برك بأمك وأبيك، فتحية لكل أم فى عيدها، وتحية لأمى الغالية العظيمة التى أفنت حياتها فى سبيل تربيتى أنا والمرحوم أخى، هذه الأم العظيمة التى كانت تعمل صباحًا وتحضر قبل مواعيد المدرسة لتقوم بالطهى لى ولأخى ولأبى.. هذه الأم التى تحملت أن لديها ابنًا صغيرًا لا يتجاوز التسع سنوات وكان مصابًا بمرض السكر.
وكانت هى من تقوم بإعطائه الحقن ثلاث مرات يوميًا، وهى تتألم داخليًا لأنها تُؤلم فلذة كبدها وأغلى ما فى حياتها، ويشاء القدر أن يموت نجلها على يديها وتكون هى الحضن الدافئ له الذى يحنو عليه عند وفاته.
فأمى مهما قلت عنها وعن دورها فى حياتى وعن مدى تأثيرها فى تكوين شخصيتى وتأثيرها فى حياة والدى فلن أوفيها حقها، فهى التى علمتنى معنى القيم، معنى أن تحب الله، وأن تحب الآخرين، وأن تعطى دون أن تنتظر المقابل، خيّرة بعطائها، مؤمنة بربها، حافظة لكتاب الله، فكانت خير أم. وعندما توفى أبى كانت خير سند لى، أشعر معها بالأمان والطمأنينة. واهمٌ من يعتقد أنه حين يكبر فى السن يستطيع أن يكون كبيرًا على أمه.
فاللهم بارك فى أمى واحفظها، وبارك فى أمهاتكم جميعًا، وارحم كل أم فقدها أبناؤها وأسكنها فسيح جناتك. وكل عام وكل أم مصرية بخير وصحة وستر وسلام.