كما ذكرنا في المقال السابق أحدث فيلم الكرنك ضجة كبيرة وصلت إلى ساحات المحاكم وأصبحت قضية فيلم الكرنك مثار تعليقات كبار الكتاب والصحفيين.. كل هذا في جانب.. وما فعله الكاتب الكبير المرحوم مصطفى أمين في جانب آخر.. فقد أصبحت المانشيتات الرئيسية في صحيفة الأخبار.. وأخبار اليوم تحمل عناوين مثيرة عن قضية فيلم «الكرنك» وكانوا جميعًا يبتسمون وهم يشعرون أن الكاتب الكبير انتهزها فرصة حيث إنه كان يشعر أن صلاح نصر وراء اتهامه في قضية التخابر مع دولة أجنبية.. وأنه أمر بتعذيبه في السجن!!. تنفس والدى الصعداء عندما جاء ذات مساء صديقاه السيد اللواء «رؤوف دغيدى» والسيد اللواء «أحمد سرحان»ـ من السكرتارية الخاصة للرئيس السادات- وكانا صديقيه منذ أن كانوا طلبة في كلية الشرطة- وطلبا نسخة من الفيلم ليشاهدها الرئيس، وقالا إن الرئيس السادات سيضع نهاية لهذه القضية وسيسمح بعرض الفيلم ولم يكن اختراع شريط «الفيديو كاسيت» قد عرف في مصر حتى ذلك الوقت، وكان والدى قد طبع نسختين من فيلم «الكرنك» كل نسخة أربع عشرة بوبينة كبيرة وسلمهما نسخة منهما حملتها سيارة رئاسة الجمهورية إلى منزل الرئيس السادات ولم ينم والدى ليلتها.. في الصباح عادت سيارة رئاسة الجمهورية إلى منزله تحمل نسخة الفيلم سلمها له السائق دون تعليق.. اتصل والدى تليفونيًا بصديقيه ليسألهما عن انطباع الرئيس السادات عن الفيلم فأخبراه أنهما في مأمورية خارج القاهرة.. بعد يومين حضرت إلى منزله سيارة رئاسة الجمهورية من جديد نزل منها صديقاه وسألهما في لهفة.. هو شافه..؟ طبعًا.. وحيشوفه تانى.. طمنونى.. عجبه..؟، منعرفش في الصباح الباكر رن جرس التليفون في منزلنا وكان المتحدث اللواء أحمد سرحان ليقول لوالدى: «مبروك يا ليثى.. الفيلم هايل الرئيس شافه وعجبه جدًا..- بتتكلم جد يا أحمد؟- آى والله.. وخد حتى كلم فوزى بيه!. وحدثه الأستاذ فوزى عبدالحافظ مدير مكتب الرئيس السادات الذي هنأه على الفيلم وأكد ما سبق من إعجاب الرئيس والسيدة جيهان السادات وكل الموجودين بالفيلم وقفز والدى من مكانه فرحًا لا تسعه الدنيا، وتوجه بسرعة إلى إدارة الرقابة على المصنفات الفنية حاملًا نسخة الفيلم، قابل السيدة العظيمة المرحومة اعتدال ممتاز وقبل أن يطلب منها الترخيص بعرض الفيلم بادرها مزهوًا قائلا «على فكرة الرئيس السادات شاف الفيلم وعجبه» وصدته قائلة: وما له يعجبه هو بس لازم نشوف الفيلم إحنا كمان! طبعًا أطفئت أنوار الصالة وجلست السيدة اعتدال ممتاز وسط الرقباء يشاهدون الفيلم، بعد انتهاء العرض هنأت السيدة اعتدال ممتاز والرقباء والدى ممدوح الليثى على المستوى الفنى للفيلم ثم دعته إلى حجرتها في الدور العلوى، وبعد أن طلبت له فنجان القهوة التفتت له قائلة: ليه حق الرئيس السادات يعجبه الفيلم زى ما بتقول فيلم جسد حدثين مهمين في حياة السادات، هما تصفية مراكز القوى وعبور أكتوبر العظيم، ليرد والدى: مضبوط. ونظرت له المرحومة اعتدال ممتاز نظرة صامتة وهى تقول: برافوا عليك أنت لم تبخل على الفيلم بشىء، كل نجوم مصر جبتهم في الفيلم ووفرت له كل الإمكانيات.. إن شاء الله حينجح ومبروك مقدما.. بس للأسف أنا مقدرش أصرح بالفيلم ده!.